ولقيه أبان بن سعيد (1) - واسلم بعد ذلك، فرحب به ابان واجاره، وقال: لا تقصر عن حاجتك، ثم نزل عن فرس كان عليه فحمل عثمان على السرج وردف وراءه وقال:
اقبل وادبر لا تخف أحد * بنو سعيد أعزة الحرم فدخل به مكة، فاتى عثمان اشراف قريش - رجلا رجلا - فجعلوا يردون عليه: ان محمدا لا يدخلها علينا ابدا، ودخل على قوم مؤمنين من رجال ونساء مستضعفين بمكة فقال:
ان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: قد أظلكم حتى لا يستخفى بمكة اليوم بالايمان، ففرحوا بذلك، وقالوا: اقرا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السلام.
ولما فرغ عثمان من رسالة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى قريش قالوا له: ان شئت ان تطوف بالبيت فطف، فقال: ما كنت لافعل حتى يطوف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأقام عثمان بمكة ثلاثا يدعو قريشا.
وقال المسلمون - وهم بالحديبية، قبل ان يرجع عثمان -: خلص عثمان من بيننا إلى البيت فطاف به، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " ما أظنه طاف بالبيت ونحن محصورون "، وقالوا:
وما يمنعه يا رسول الله وقد خلص إليه قال: " ذلك ظني به الا يطوف بالكعبة حتى نطوف "، وعند ابن جرير وابن أبي حاتم عن سلمة بن الأكوع - مرفوعا - " لو مكث كذا كذا سنة ما طاف حتى أطوف " فلما رجع عثمان إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال المسلمون له: اشتفيت من البيت يا أبا عبد الله!! فقال عثمان: بئس ما ظننتم بي! فوالذي نفسي بيده لو مكثت مقيما بها سنة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقيم بالحديبية ما طفت حتى يطوف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولقد دعتني قريش إلى أن أطوف بالبيت فأبيت. فقالوا: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اعلمنا وأحسننا ظنا.
وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمر أصحابه بالحراسة بالليل، فكانوا ثلاثة يتناوبون الحراسة:
أوس بن خولي - بفتح الخاء المعجمة والواو - وعباد بن بشر، ومحمد بن مسلمة - رضي الله عنهم - وكان محمد بن مسلمة على حرس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة من الليالي، وعثمان بن عفان بمكة. وقد كانت قريش بعثت ليلا خمسين رجلا، عليهم مكرز بن حفص، وأمروهم ان يطوفوا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - رجاء ان يصيبوا منهم أحدا، أو يصيبوا منهم غرة، فاخذهم محمد بن