معه، وأكون لكم عينا أتاكم بخبره، فبعثته قريش إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا محمد، تركت كعب ابن لؤي وعامر بن لؤي على اعداد مياه الحديبية، معهم العوذ المطافيل قد استنفروا لك الأحابيش ومن أطاعهم، قد لبسوا جلود النمور، وهم يقسمون بالله لا يخلون بينك وبين البيت حتى تجتاحهم، وانما أنت ومن قاتلهم بين أحد أمرين ان تجتاح قومك ولم يسمع برجل اجتاح قومه وأهله قبلك. أو بين أن يخذلك من ترى معك، واني والله لا ارى معك وجوها واني لا ارى الا أوباشا، وفي رواية: فاني لارى أشوابا (1) من الناس، لا اعرف وجوههم ولا أنسابهم، وخليقا ان يفروا ويدعوك. وفي رواية: وكأني بهم لو قد لقيت قريشا أسلموك فتؤخذ أسيرا، فأي شئ أشد عليك من هذا؟ فغضب أبو بكر - وكان قاعدا خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: امص بظر اللات، أنحن نخذله أو نفر عنه؟! فقال عروة: من ذا؟ قالوا: أبا بكر. فقال عروة: اما والله لولا يد لك عندي لم أجزك بها لأجيبنك.
وكان عروة قد استعان في حمل دية فاعانه الرجل بالفريضتين والثلاث، واعانه أبو بكر بعشر فرائض فكانت هذه يد أبي بكر عند عروة، وطفق عروة كلما كلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مس لحية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمغيرة ابن شعبة قائم على رأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالسيف، - على وجهه المغفر - لما قدم عروة لبسها، فطفق المغيرة كلما اهوى عروة بيده ليمس لحية النبي - عليه الصلاة والسلام - يقرع يده بنعل السيف ويقول: أكفف يدك عن مس لحية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل ألا تصل إليك، فإنه لا ينبغي لمشرك ان يمسه. فلما أكثر عليه غضب عروة وقال: ويحك!! ما أفظك وأغلظك! وقال: ليت شعري!! من هذا الذي آذاني من بين أصحابك؟ والله لا أحسب فيكم الام منه ولا أشر منزلة. فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: " هذا ابن أخيك المغيرة بن شعبة " فقال عروة: وأنت بذلك يا غدر، والله ما غسلت عنك غدرتك بعكاظ الا أمس، لقد أورثتنا العداوة من ثقيف إلى آخر الدهر - وسيأتي في ترجمة المغيرة بيان هذه الغدرة.
وجعل عروة يرمق أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بعينه، فوالله ما يتنخم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نخامة الا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده، وإذا امرهم بأمر ابتدروا امره، وإذا توضأ كادوا يقتتلوا على وضوئه، ولا يسقط شئ من شعره الا اخذوه، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون النظر إليه، تعظيما له.
فلما فرغ عروة من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورد عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثل ما قال لبديل بن ورقاء وكما عرض عليهم من المدة. فاتى عروة قريشا، فقال: يا قوم انى وفدت إلى