أجمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السير من تبوك أرمل الناس إرمالا، فشخص على ذلك من الحال.
انتهى.
قال أبو هريرة: فقالوا: يا رسول الله لو أذنت لنا فننحر نواضحنا فأكلنا وادهنا؟ قال شيوخ محمد بن عمر: فلقيهم عمر بن الخطاب وهو على نحرها فأمرهم أن يمسكوا عن نحرها، ثم دخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في خيمة له ثم اتفقوا فقال يا رسول الله أأذنت للناس في نحر حمولتهم يأكلونها؟ قال شيوخ محمد: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " شكوا إلي ما بلغ منهم الجوع فاذنت لهم ينحر الرفقة البعير والبعيرين ويتعاقبون فيما فضل منهم فإنهم قافلون إلى أهليهم " - انتهى. فقال عمر: يا رسول الله لا تفعل، فان يك في الناس فضل من الظهر يكن خيرا، فالظهر اليوم رقاق انتهى. ولكن يا رسول الله ادع بفضل أزوادهم، ثم أجمعها، وادع الله تعالى فيها بالبركة لعل الله تعالى أن يجعل فيها البركة. زاد شيوخ محمد كما فعلت في منصرفنا من الحديبية حين أرملنا، فان الله تعالى مستجيب لك انتهى، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " نعم " فدعا بنطع فبسط - قال شيوخ محمد: بالأنطاع فبسطت - ونادى منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
من كان عنده فضل من زاد فليأت به - انتهى فجعل الرجل يأتي بكف ذرة، ويجئ الاخر بكف تمر، ويجئ الاخر بكسرة. وقال شيوخ محمد: وجعل الرجل يأتي بالدقيق أو التمر أو القبضة من الدقيق والسويق والتمر والكسر فيوضع كل صنف من ذلك على حدة وكل ذلك قليل وكان جميع ما جاءوا به من السويق والدقيق والتمر ثلاثة أفراق حزرا - والفرق ثلثة آصع.
انتهى قال: فجزأنا ما جاءوا به فوجدوه سبعة وعشرين صاعا. قال شيوخ محمد: ثم قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتوضأ وصلى ركعتين ثم دعا الله تعالى أن يبارك فيه. قال عمر: فجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى جنبه فدعا فيه بالبركة، ثم قال: " أيها الناس خذوا ولا تنتهبوا " فأخذوه في الجرب والغرائر، حتى جعل الرجل يعقد قميصه فيأخذ فيه، قال أبو هريرة - رضي الله عنه وما تركوا في العسكر وعاء إلا ملئوه، وأكلوا حتى شبعوا، وفضلت فضلة. قال شيوخ محمد بن عمر: قال بعض من الصحابة: لقد طرحت كسرة يومئذ من خبز وقبضه من تمر، ولقد رأيت الأنطاع تفيض، وجئت بجرابين فملأت أحدهما سويقا والاخر خبزا، وأخذت في ثوبي دقيقا كفاني إلى المدينة - قال: فاخذوا حتى صدروا. وإنه نحو ما كانوا يحرزون - قالوا كلهم: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، لا يأتي بها عبد غير شاك فيحجب عن الجنة " وفي لفظ (لا يأتي بها عبد محق إلا وقاه الله حر النار) (1)، وقال جابر بن عبد الله رضي الله عنهما كما رواه ابن سعد أقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتبوك عشرين ليلة يقصر الصلاة