نصف سنة سواء، ويقال: كان آخر شعبان تلك السنة آخر سبع سنين ونصف، أو أن رأس الثمان كان أول ربيع الأول وما بعده نصف سنة.
الخامس: ورد أنه - صلى الله عليه وسلم - أفطر بالكديد، وفي رواية بغير كما سبق في القصة، والكل في سفرة واحدة، فيجوز أن يكون فطره - صلى الله عليه وسلم - في أحد هذه المواضع حقيقة إما كديد، وإما كراع الغميم، وإما عسفان، وإما قديد، وأضيف إلى الاخر تجوزا لقربه منه، ويجوز أن يكون قد وقع منه - صلى الله عليه وسلم - الفعل في المواضع الأربعة، والفطر في موضع منها، لكن لم يره جميع الناس فيه، لكثرتهم، وكررة ليتساوي الناس في رؤية الفعل، فأخبر كل عن رؤية عين وأخبر كل عن محل رؤيته.
السادس: وقع في الصحيح: ثم جاءت كتيبة، وهي أقل الكتائب، أي عددا فيهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال القاضي - رحمه الله تعالى -: كذا لجميع رواة الصحيح بالقاف، وقد وقع في الجمع للحميدي " أجل " بالجيم بدل القاف - من الجلالة، قال القاضي: وهو أظهر انتهى.
وكل منهما ظاهر لاخفاء فيه ولا ريب كما في مصابيح الجامع للدماميني: أن المراد قلة العدد لا الاحتقار، هذا ما لا يظن بمسلم اعتقاده وتوهمه، فهو وجه محيد عنه، ولا ضير فيه بهذا الاعتبار. والتصريخ بان النبي - صلى الله عليه وسلم - كان في هذه الكتيبة التي هي أقل عددا مما سواها من الكتائب قاض بجلالة قدرها، وعظم شانها، ورجحانها على كل شئ سواها، ولو كان ملء الأرض بل وأضعاف ذلك.
السابع: وقع في الصحيح عن عروة قال: وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - يومئذ خالد بن الوليد أن يدخل من أعلى مكة من كداء - أي بالمد - ودخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أسفل مكة من كدى، أي بالقصر. وهذا مخالف للأحاديث الصحيحة. ففي الصحيح وغيره أن خالد بن الوليد دخل من أسفل مكة، ودخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أعلاها، وبه جزم ابن عقبة، وابن إسحاق وغيرهما.
الثامن: الحكمة في نزول النبي - صلى الله عليه وسلم - وبني هاشم إلى شعب أبي طالب، وحصروا بني هاشم وبني المطلب فيه، كما تقدم ذلك في أبواب البعثة، ليتذكر ما كان فيه من الشدة فيشكر الله - تعالى - على ما أنعم عليه من الفتح العظيم، وتمكنه من دخول مكة ظاهرا على رغم من سعى في إخراجه منها، ومبالغة في الصفح عن الذين أساؤوا، ومقابلتهم بالمن والاحسان، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.