رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح لليلتين خلتا من شهر رمضان، وهذا يدفع التردد، الماضي، ويعين يوم الخروج، وقول الزهري يعين يوم الدخول، ويعطي أنه أقام في الطريق اثني عشر يوما.
قال الحافظ: وأما ما قاله الواقدي أنه خرج لعشر خلون من رمضان فليس بقوي لمخالفته ما هو أصح منه، قلت: قد وافق الواقدي على ذلك ابن إسحاق وغيره، ورواه إسحاق بن راهويه بسند صحيح عن ابن عباس، وعند مسلم أنه دخل لست عشرة، ولأحمد لثماني عشرة، وفي أخرى لثنتي عشرة، والجمع بين هاتين بحمل إحداهما على ما مضى والاخرى على ما بقي، والذي في المغازي: دخل لتسع عشرة مضت وهو محمول على الاختلاف في أول الشهر. ووقع في أخرى: بالشك في تسع عشرة أو سبع عشرة وروى يعقوب بن سفيان من طريق الحسن عن جماعة من مشايخه: أن الفتح كان في عشرين من رمضان، فان ثبت حمل على أن مراده أنه وقع في العشر الأوسط قبل أن يدخل الأخير.
الثاني: اختلفت الروايات فيمن أرسله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليأتي بكتاب حاطب: ففي رواية أبي رافع عن علي قال: بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا والزبير والمقداد. وفي رواية أبي عبد الرحمن السلمي عن علي قال: بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبا مرثد الغنوي، والزبير بن العوام، قال الحافظ: فيحتمل أن يكون الثلاثة كانوا معه، وذكر أحد الراويين عنه ما لم يذكر الاخر، ثم قال: والذي يظهر، أنه كان مع كل واحد منهما آخر تبعا له.
الثالث: جزم ابن إسحاق بان جميع من شهد الفتح من المسلمين عشرة آلاف. ورواه البخاري في صحيحه عن عروة، وإسحاق بن راهويه من طريق آخر بسند صحيح عن ابن عباس، وقال عروة أيضا والزهري وابن عقبة كانوا اثني عشر ألفا، وجمع بان العشرة آلاف خرج بها من نفس المدينة. ثم تلاحق الألفان.
الرابع: وقع في الصحيح من رواية معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن عباس " وذلك على رأس ثمان سنين ونصف من مقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة " قال الحافظ: وهو وهم، والصواب على رأس سبع سنين ونصف، وإنما وقع الوهم من كون غزوة الفتح كانت في سنة ثمان، من أثناء ربيع الأول إلى أثناء رمضان نصف سنة سواء، والتحرير أنها سبع سنين ونصف ويمكن توجيه رواية معمر: بأنه بناء على التاريخ بأول السنة من المحرم، فإذا دخل من السنة الثانية شهران أو ثلاثة أطلق عليها سنة مجازا، من تسمية البعض باسم الكل، ويقع ذلك في آخر ربيع الأول. ومن ثم إلى رمضان