الذي وعدتني؟ ما زلت منتظرة لك منذ اليوم - تسخر منه - فقال: دعي هذا عنك، واغلقي على بابي، ثم قال:
إنك لو شهدت يوم الخندمة * إذ فر صفوان وفرر عكرمة وأبو يزيد كالعجوز المؤتمة * واستقبلتهم بالسيوف المسلمة يقطعن كل ساعد وجمجمه * ضربا فلا تسمع إلا الغمغمه لهم نهيت خلفنا وهمهمه * لم تنطقي في اللوم أدنى كلمه وأقبل الزبير - رضي الله عنه - بمن معه من المسلمين حتى انتهى إلى الحجون عند منزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يقتل من المسلمين إلا رجلان من أصحاب الزبير، أخطأ الطريق فسلكا غيره فقتلا، وهما كرز بن جابر الفهري (1) وحبيش - بحاء مهملة مضمومة، فموحدة مفتوحة، فتحتية ساكنة فشين معجمة - بن خالد بن ربيعة بن الأشعر - بشين معجمة، وعين مهلمة - الكعبي - رضي الله عنهما - ومضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدخل مكة من أذاخر، (2) فلما ظهر على أذاخر، نظر إلى البارقة مع فضض المشركين، فقال: " ما هذه البارقة؟! ألم أنه عن القتال؟ " قالوا: يا رسول الله، خالد بن الوليد قوتل ولو لم يقاتل ما قاتل، وما كان يا رسول الله ليعصيك، ولا يخالف أمرك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " قضاء الله خير ".
وروى الطبراني عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب، فقال:
" إن الله حرم مكة " الحديث (3)، فقيل: هذا خالد يقتل، فقال: " قم يا فلان فقل له فليرفع يديه من القتل " فأتاه الرجل، فقال له: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لك، أقتل من قدرت عليه، فقتل سبعين، فاتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر له ذلك، فأرسل إلى خالد " ألم أنهك عن القتل؟! " فقال: جاءني فلان فأمرني أن أقتل من قدرت عليه، فأرسل إليه " ألم آمرك أن تنذر خالدا؟ " قال:
أردت أمرا فأراد الله أمرا، فكان أمر الله فوق أمرك، وما استطعت إلا الذي كان، فسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما رد عليه.
وروى الإمام أحمد، ومسلم، والبيهقي، وغيرهم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال:
لما كان يوم فتح مكة، وبشت قريش أوباشا لها وأتباعا، فقالوا: نقدم هؤلاء، فإن كان لهم شئ