الحجاج، فكتب له ابن القرية رسالة فيها (1): بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث، إلى الحجاج بن يوسف: سلام على أهل طاعة الله، أوليائه الذين يحكمون بعدله، ويوفون بعهده، ويجاهدون في سبيله، ويتورعون لذكره، ولا يسفكون دما حراما، ولا يعطلون للرب أحكاما، ولا يدرسون له أعلاما، ولا يتنكبون النهج، ولا يبرمون السي، ولا يسارعون في الغي، ولا يدللون الفجرة، ولا يترضون الجورة، بل يتمكنون عند الاشتباه، ويتراجعون عند الإساءة. أما بعد: فإني أحمد إليك الله حمدا بالغا في رضاه، منتهيا إلى الحق في الأمور الحقيقية لله علينا؟ وبعد: فإن الله أنهضني لمصاولتك، وبعثني لمناضلتك، حين تحيرت أمورك، وتهتكت ستورك، فأصبحت عريان حيران، مبهتا لا توافق وفقا، ولا ترافق رفقا. ولا تلازم صدقا، أؤمل من الله الذي ألهمني ذلك، أن يصيرك في حبالك، أو أن يجئ بك في القرن (2)، ويسحبك للذقن وينصف منك من لم تنصفه من نفسك، ويكون هلاكك بيدي من اتهمته وعاديته. فلعمري لقد طال ما تطاولت، وتمكنت وأخطيت، وخلت أن لن تبور، وأنت في فلك الملك تدور، وأظن مصداق ما أقول ستخبره عن قريب فسر لأمرك، ولاق عصابة خلعتك من حبالها خلعها نعالها. وتدرعت جلالها، تجرعها مطالها، لا يحذرون منك جهدا، ولا يرهبون منك وعيدا، يتأملون خزايتك، ويتجرعون إمارتك، عطاشا إلى دمك، يستطعمون الله لحمك، وأيم الله لينافقنك منهم الأبطال، الذين بيتهم فيما يحاولونك به على طاعة الله، شروا أنفسهم تقربا إلى الله، فأغض عن ذلك بابن أم الحجاج.
فسنحمل عليك إن شاء الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، والسلام على أهل طاعة الله (3).
فلما قدم الكتاب على الحجاج، خرج موائلا قد أخذ بطرف ردائه، وألقى الطرف الآخر يجره من خلفه حتى صعد المنبر ونودي: الصلاة جامعة، فاجتمع الناس ثم قال: