المؤمنين؟ إني أخافه وأخاف أن يغضب. فقال موسى: ذاك لو كان عبد الملك أو الوليد. فأما هذا فإنه يرضيه ما يرضي الصبي، ويسخطه ما يسخطه، وستري ذلك. ثم تقدم موسى حتى لحق ولصق بسليمان. فقال له: أين كنت يا بن نصير؟ فقال له: يا أمير المؤمنين أين دوابنا من دوابك؟ إني لمنذ دعاني أمير المؤمنين لفي كد، حتى لحقت أمير المؤمنين، فضحك سليمان وأمر له بدواب من مراكبه، فسايره وحادثه، ثم انصرف عنه، فلحق الرجل به. فقال له موسى:
كيف رأيت؟ قال: أنت كنت به أعلم، فسار سليمان حتى نزل المدينة في دار يزيد بن رومان.
قال: فحدثني بعض أهل المدينة، أن موسى قال يوما لبعض من يثق به:
ليموتن إلى يومين رجل قد بلغ ذكره المشرق والمغرب، فلم نظن إلا أنه يعني الخليفة، فلما كان اليوم الثاني، لم أشعر وأنا في مسجد الرسول، حتى سمعت الناس يقولون: مات موسى بن نصير، فإذا هو، وصلى سليمان عليه، ودفن رحمه الله (1).
وذكروا أن عبد الله بن صخر أخبرهم قال: بينما موسى يسير يوما على دابة له، وكان طويلا جسيما، فمر به رجلان من قريش، وقد تدلت رجلاه وانحنتا، وهما لا يعرفانه. فقالا: أدبر والله الشيخ، فسمعهما موسى، فقال لهما: من أنتما؟
فانتسبا له. فقال: أما والله إن أميكما لمما أفاء الله على يدي هذا الشيخ، فأهداهما إلى أبويكما. فقالا له: ومن أنت يرحمك الله؟ قال: موسى بن نصير، فقالا: فمرحبا وأهلا، صدقت وبررت، والله ما عرفناك: فقال: لا عليكما، قد والله أدبر عني وبقي مني.
وذكروا أن إبراهيم بن سليمان أخبرهم عمن حدثه عن موسى، أن الناس قحطوا بأفريقية (2) عاما، فخرج موسى بالناس فاستسقى، فأمر رجلا فقص على الناس ورققهم، فجعل يذكر، ثم إنه انتحى في الدعاء للوليد بن عبد الملك