ألم أفعل كذا، فعدد إحسانه. فقال عبد السلام: بلى قد فعلت، ولكنك عمدت إلى شيخنا وسيدنا خالد بن عبد الله قد عزله الخليفة قبلك، وأخذ أمواله، ثم خلى عنه، فدفعته إلى يوسف بن عمر بالبيع فأدرعه (1)، ثم حمله على محمل بلا وطاء، ثم انطلق به فعذبه، حتى قتل شر قتل يكون. فقال لهم الوليد: فاخلعوني في قميصي هذا، وولوا من شئتم، فانصرفوا إلى قومهم، فأعلموهم بما رضي من الخلع. فقالوا: لا إلا رأسه، فتدلى القوم إلى القصر، وانتهى يزيد بن خالد إلى الباب، وعليه سلسلة، فأمر بها فكسرت، وكسر الباب، وخرج الوليد يسعى، حتى دخل بيتا من بيوت القصر، ودخل عليه نحو من ثلاثين رجلا، وهو قائم بيده السيف، منكسا رأسه لا ينظر إليهم، وهو يذب (2) عن نفسه، فضربه رجل، ضربة، ثم صرعه (3)، ثم أكب (4) عليه فاحتز رأسه، فخرج به وانصرف الناس إلى دمشق فبايع الناس ليزيد بن الوليد بن عبد الملك. وذلك في ذي الحجة من سبع وعشرين ومئة، فكان خليفة ستة أشهر، ثم مات في جمادى الأولى. ثم ولى إبراهيم بن الوليد فبويع له في جمادى الأولى، فمكث ثلاثة أشهر، ثم خلع وهرب.
ولاية مروان بن محمد بن مروان بن الحكم قال: وذكروا أنه لما خلع إبراهيم بن الوليد، خرج مروان بن محمد في صفر، سنة سبع وعشرين ومئة، ومعه أهل الجزيرة، وأهل حمص، فدعا إلى نفسه بالبيعة، ووعد الناس خيرا فرضي به أكثر الناس لشجاعة كانت فيه، وسخاء يوصف به، فملك الشام، واستقل له الأمر، وغلظ شأنه، واستعلى سلطانه، وبايع له أهل العراق والحجاز، وهابه الناس وخافوه، واستعمل العمال في الآفاق والأمصار، وكانت الشيعة تتكاتب على الكتمان لذلك، وتتلاقى على السر. قال: فلما كانت سنة ثمان وعشرين ومائة اجتمعت الشيعة.
خروج أبي مسلم الخراساني قال: وذكروا أن الشيعة لما اجتمعت، وغلظ أمرهم بخراسان، قدم منهم سليمان ابن كثير، وقحطبة بن شبيب، فلقوا إبراهيم بمكة. فقالوا: قد قدمنا بمال. قال:
وكم هو؟ قالوا عشرين ألف دينار ومائتي ألف درهم وبمسك ومتاع قال: ادفعوه إلى عروة