قتل خالد بن عبد الله القسري قال: وذكروا أن خالد بن عبد الله القسري، شخص إلى الوليد بن يزيد حتى قدم على معسكره، فلم يدع به الوليد ولم يكلمه، وهو يختلف إليه غدوة وعشية، حتى قدم برأس يحيى بن زيد بن علي بن الحسين من خراسان، فجمع الناس الإذن، فحضر الأشراف، وجلس الوليد، وجاء خالد إلى الحاجب فقال: إن حالي كما ترى، لا أقدر على المشي، وإنما أحمل في الكرسي. قال الحاجب: ما يدخل أحد على أمير المؤمنين على هذه الحال، ثم أذن له فحمله على كرسيه، ثم دخل على الوليد وهو جالس في سريره، والمائدة موضوعة. فلما دخل عليه قال له الوليد: أين ولدك يزيد بن خالد. فقال: قد أصابه من هشام ظفر، فخلى سبيله، ثم طلب فهرب، فكنا نراه عند أمير المؤمنين حتى استخلفه الله. فقال له الوليد: لكنك خلفته طلبا للفتنة. فقال خالد: قد علم أمير المؤمنين أنا أهل بيت طاعة أنا وأبي وجدي. فقال له الوليد:
لتأتيني بابنك أو لأزهقن نفسك، فقال له خالد: هذا الذي تدور عليه، وهو الذي تريد؟
والله لو كان ابني تحت قدمي ما رفعتهما لك، فاصنع ما بدا لك. فأمر الوليد غيلان صاحب حرسه بالبسط (1) عليه والأخذ له، وقال له: أسمعني صوته، فذهب به غيلان إلى رحله، فعذبه بالسلاسل والحديد، فلم يتكلم بكلمة، فرجع غيلان إلى الوليد فقال له: والله لا أعذب إنسانا لا يتكلم. فقال له: كف عنه واحتبسه، ففعل، فقام يوسف بن عمر فقال: أنا أشتريه بخمسين ألف ألف، فأرسل الوليد إلى خالد أن يوسف بن عمر قد سأل أن يشتريك بخمسين ألف ألف، فإن ضمنتها لأمير المؤمنين، وإلا دفعتك إليه. قال خالد: ما عهدنا العرب تباع، فدفعه إلى يوسف بن عمر، فنزع ثيابه، وألبسه عباءة وألحفه (2) أخرى، وحمله على محمل ليس تحته وطاء (3)، فبسط (4) عليه وعذبه، وخالد لا يكلمه بكلمة، ثم ارتحل، حتى إذا كان ببعض الطريق عذبه يوما، ثم وضع المضرسة (5) على صدره، فقتلة في الليل، فدفن في الحيرة، وذلك في المحرم سنة سبع وعشرين ومئة.