دينكم ذلك، ولا يسعني حين خالفت أهل بيتي في الأحكام والسيرة حتى ألعنهم وأتبرأ منهم؟
أخبراني عن اللعن: فرض على العبادة؟ قالا: نعم. فقال عمر: متى عهدك بلعن فرعون؟ قال:
ما لي به من عهد منذ زمان. قال عمر: هذا رأس من رؤوس الكفار ليس لك عهد بلعنه منذ زمان، وأنا لا يسعني أن ألعن من خالفتهم من أهل بيتي، ألستم أنتم الذين تؤمنون من كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخيفه، وتخيفون من كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤمنه؟
فقالا: نبرأ إلى الله تعالى من هذه الصفة. فقال: بلى فسأخبركما عن ذلك، ألستما تعلمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج والناس أهل كفر، فدعاهم أن يقروا بالله ورسوله، فمن أبى قاتله وخوفه، ومن أقر بهما أمنه وكف عنه، وأنتم اليوم من مر بكم يقر بهما قتلتموه، ومن لم يقر بهما أمنتموه وخليتم سبيله، فقال العربي: تالله ما رأيت حجيجا (1) أقرب مأخذا، ولا أوضح منهاجا منك، أشهد أنك على الحق، وأنا على الباطل. وقال الآخر: لقد قلت قولا حسنا، وما كنت لافتات على أصحابي حتى ألقاهم فلحق بأصحابه، وأقام الآخر عند عمر، فاجرى عليه العطاء والرزق حتى مات عنده.
وفاة عمر بن عبد العزيز قال: وذكروا أن عبد الرحمن بن يزيد أخبرهم قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى ابن أبي زكريا: أما بعد: فإذا نظرت في كتابي فأقدم: فقدم عليه فقال: مرحبا بابن أبي زكريا. قال. وبك يا أمير المؤمنين. قال: حاجة لي قبلك. قال: بين الأنف والعين حاجتك يا أمير المؤمنين، إن قدرت عليها. قال: لست أكلفك إلا ما تقدر عليه. قال:
نعم، قال: أحب أن تثنى على الله بمبلغ علمك، حتى إذا فرغت سألت الله أن يقبض عمر.
فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، بئس وافد أمة محمد أنا، هذا لا يحل لي. قال: فإني أعزم عليك بحق الله وبحق رسوله، وبحقي إن كان لي عليك حق إلا ما فعلته، فبكى ثم استرجع، ثم أقبل يثني على الله، وإنه ليبكي حتى إذا فرغ قال: اللهم إن عمر سألني بحقك وبحق رسولك وبحقه علي أن أدعو في قبضه إليك، فاقبض عمر إليك كما سأل ولا تبقني بعده، وجاء حينئذ بني لعمر فسقط في حجره، فقال: وهذا أي ربي معنا فإني أحبه. قال: فما كانوا إلا كخرزات في خيط فانقطع الخيط، فأتبع بعضها بالسقوط بعضا (2).
ذكر رؤيا عمر بن عبد العزيز قال: وذكروا عن مزاحم مولى عمر قال: أخبرتني فاطمة بنت عبد الملك امرأة عمر