وثوب أهل دمشق على الوليد بن يزيد وقتله قال: وذكروا أن يزيد بن خالد دب في أهله، وتحمل في عشائره، فاجتمع أمرهم على الوليد بن يزيد، فبينما هم يدبرون أمرهم، إذ انطلق ساع إلى الوليد قال له: أدلك على يزيد بن خالد. قال: نعم. فبعث الوليد مولى له، وأمره أن يكمن النهار، ويسير الليل، حتى أتى دمشق ليلا، ويزيد مختف بدمشق، في منزل رجل عند باب السوق، فاقتحم عليه المنزل فأخذه، وشخص به من ساعته حتى قدم على الوليد، فأمر بالبعث به إلى يوسف بن عمر بالعراق، قال له يزيد: يا أمير المؤمنين، أنا أدفع لك الخمسين ألف ألف التي طلبت من خالد في ثلاث سنين، على أن تكتب إلى الآفاق، بأمان من كانت لي عنده وديعة، وأمان فيه ذمتي وموالي، فقبل منه الوليد ذلك، فأمر بالكتب إلى العراق والحجاز وكور الشام في ذلك، واحتبس يزيد عنده، وجعل عليه القيود والحرس، ثم ارتحل الوليد ومعه خدمته وشرطته، وتواعد أهل اليمن أن يثوروا إذا صلوا العتمة (1) في المسجد، وكانت العلامة بينهم أن يلتمس أحدهم صاحبه.
فلما تفرق أهل المسجد، خرجوا، فاستخرجوا يزيد بن الوليد من منزله، ثم أتوا به القصر، وعلى دمشق يومئذ رجل من بني الحجاج، وكان قد خرج من الطاعون، واستخلف رجلا من قيس، فدخلوا عليه، فأوثقوه كتافا، وأوثقوا كل من خافوا خلافه، فتسلل رجل حتى أتى الوليد بن يزيد، فأخبره الخبر، فلما أصبحوا غدوا إلى الوليد، فبعث الوليد في طلب يزيد بن.
خالد، وهو عنده في الحديد. فقال له: إن قومك قد خرجوا بين يدي الوليد، فارددهم عن أمير المؤمنين، ولك الله أن أوليك العراق، وأدفع إليك يوسف تقتله بأبيك، فقال له يزيد ابن خالد: وتوثقني يا أمير المؤمنين؟ قال: نعم، فتوثق له وحلف، قال: فأرسلني إليهم حتى أردهم عنك. فقال له الوليد: بل اكتب إليهم. قال: إن كتابي لا يغني شيئا، وقد علموا أني في يديك، وأني سأكتب بما تريد، فأمر بإطلاقه من الحديد، ورده إلى حبسه، وأمر الحرس يتحفظون به، ثم ارتحل الوليد بيزيد بن خالد معه، فلما كان الفجر: صبحته أوائل الخيل، خيل أهل اليمن، فأرسل الوليد إلى يزيد بن خالد. فقال له يزيد: خل عني حتى أردهم عنك، فبينما هم على ذلك، إذ التقى القوم، فشدت الميمنة، وقد طلعت الشمس، واختلط الناس وكثر القتل، وتخلص يزيد بن خالد من الحرس، فأتوه ببرذون من براذين الوليد، وأتى بسيف فتقلده، ثم نادى مناديه: من جاء برأس الوليد، فله مئة ألف دينار، ونودي في العسكر: من دخل رحله فهو آمن. فنادى الوليد: يا أهل الشام، ألم أحسن إليكم،