الامامة والسياسة - ابن قتيبة الدينوري ، تحقيق الزيني - ج ٢ - الصفحة ١٠٢
فاغرورقت عيناه بالدموع. قال لهم: أوصيكم بتقوى الله العظيم، وليجل صغيركم كبيركم، وليرحم كبيركم صغيركم. ثم قال لمسلمة: يا أبا سعيد، إنما ولدي على أحد أمرين: إما عامل بطاعة الله فلن يضيعه الله، وإما عامل بمعصيته فلا أحب أن يعينه بالمال، قوموا عصمكم الله ووفقكم. ثم دعا رجاء بن حياة فخلا به. فقال: يا رجاء، إن الموت قد نزل، وأنا أعهد إليك عهدا لا أعهده إلى غيرك: إذا أنا مت فكن ممن يقبرني، فإذا سويت علي اللبن (1)، فارجع لبنة، ثم اكشف عن وجهي وانظر إليه، فإني قبرت ثلاثة رجال بيدي، وكشفت عن وجوههم، فنظرت وجوههم قد اسودت، وعيونهم قد برزت من وجوههم، فاكشف عن وجهي يا رجاء وانظر إليه، فإن رأيت شيئا من هذا، فاستر علي، ولا تعلم به أحدا، وإن رأيت غير ذلك، فأحمد الله عليه. قال رجاء: ففعلت ذلك، فلما سوينا عليه اللبن، رفعت لبنة وكشفت وجهه، فإذا وجهه مثل القمر ليلة البدر، وإذا على صدره صك فيه خط ليس من كتابة الآدميين:
بسم الله الرحمن الرحيم، كتاب بالقلم الجليل، من الله العزيز العليم، براءة لعمر بن عبد العزيز من العذاب الأليم.
ما علم به موت عمر رحمه الله في الأمصار قال: وذكروا أن رجلا من أهل المدينة قال: وفد قوم من أهل المدينة إلى الشام، فنزلوا برجل في أوائل الشام موسع عليه، تروح عليه إبل كثيرة، وأبقار وأغنام، فنظروا إلى شئ لا يعلمونه، غير ما يعرفون من غضارة العيش، إذ أقبل بعض رعاته فقال: إن السبع عدا اليوم على غنمي، فذهب منها بشاة. فقال الرجل: إنا لله وإنا إليه راجعون، ثم جعل يأسف أسفا شديدا فقلنا بعضنا لبعض: ما عند هذا خير، يتأسف ويتوجع من شاة أكلها السبع!، فكلمه بعض القوم. قال له: إن الله تعالى قد وسع عليك، فما هذا التوجع والتأسف؟ قال: إنه ليس مما ترون، ولكن أخشى أن يكون عمر بن عبد العزيز قد توفي الليلة، والله ما تعدى السبع على الشاة إلا لموته، فأثبتوا ذلك اليوم، فإذا عمر قد توفي في ذلك اليوم.
وذكروا أنهم سمعوا رجلا يحدث ويقول: بينا رجل باليمن نائم على سطح له ذات ليلة، إذ تسور عليه كلب، فسمعه وهو يقول لهرة له: أي جنة، هل من شئ أصيبه، فإني والله أكال؟ فقالت له الهرة: ما ثم شئ، لقد غطوا الإناء، وأكفئوا الصفحة. فقال لها: هل تدنيني من يد صبي، أو قدر لم تغسل، أشمها لترتد لي روحي؟ قالت الهرة: ما كنت لأخونهم

(1) اللبن: الطوب الأخضر غير المحروق
(١٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر اختلاف الرواة في وقعة الحرة وخبر يزيد 3
2 ولاية الوليد المدينة وخروج الحسين بن علي 4
3 قتال عمرو بن سعيد الحسين وقتله 5
4 قدوم من أسر من آل علي على يزيد 6
5 إخراج بني أمية عن المدينة، وذكر قتال أهل الحرة 7
6 حرب ابن الزبير رضي الله عنهما 9
7 خلاف معاوية بن يزيد 10
8 غلبة ابن الزبير رضي الله عنهما وظهوره 11
9 حريق الكعبة - اختلاف أهل الشام على ابن الزبير 12
10 بيعة أهل الشام مروان بن الحكم - موت مروان بن الحكم 13
11 بيعة عبد الملك بن مروان وولايته 14
12 غلبة ابن الزبير على العراقيين وبيعتهم 15
13 بيعة أهل الكوفة لابن الزبير وخروج ابن زياد عنهما 16
14 قتال المختار عمرو بن سعد 19
15 قتل مصعب بن الزبير المختار بن أبي عبيد الله - خلع ابن الزبير 20
16 قتل عبد الملك عمرو بن سعيد 21
17 مسير عبد الملك إلى العراق 22
18 قتل مصعب بن الزبير - ذكر حرب ابن الزبير وقتله 23
19 ولاية الحجاج على العراقيين 25
20 خروج ابن الأشعث على الحجاج 26
21 حرب الحجاج مع ابن الأشعث وقتله 29
22 أسر عامر بن سعيد الشعبي 39
23 انهزام ابن الأشعث وقيام عبد الرحمن بن عياش 41
24 ذكر قتل سعيد بن جبير 42
25 ذكر بيعة الوليد وسليمان بن عبد الملك 44
26 موت عبد الملك وبيعة الوليد 46
27 تولية موسى بن نصير البصرة 48
28 دخول موسى بن نصير على عبد الملك بن مروان - تولية موسى بن نصير على إفريقية 49
29 خطبة موسى بن نصير رحمه الله - دخول موسى بن نصير إفريقية 50
30 خطبة موسى بإفريقية 51
31 فتح زعوان - قدوم كتاب الفتح على عبد العزيز بن مروان - إنكار عبد الملك تولية موسى بن نصير 52
32 جوابه - كتاب عبد العزيز بالفتح إلى عبد الملك - جوابه 53
33 فتح هوارة وزناته وكتامة - فتح صنهاجة 54
34 فتح سجوما 55
35 قدوم الفتح على عبد الملك بن مروان 56
36 غزوة موسى في البحر 57
37 غزوة السوس الأقصى 58
38 قدوم الفتوحات على الوليد بن عبد الملك - فتح قلعة أرساف 59
39 فتح الأندلس 60
40 اتهام الوليد موسى بالخلع - دخول وفد موسى على الوليد بن عبد الملك 62
41 ذكر ما وجد موسى في البيت الذي وجد فيه المائدة مع صور العرب - ذكر ما أفاء الله عليهم 63
42 غزوة موسى بن نصير البشكنس والإفرنج 64
43 خروج موسى بن نصير من الأندلس - قدوم موسى إفريقية 66
44 قدوم موسى إلى مصر - قدوم موسى على الوليد رحمهما الله 68
45 خلافة سليمان بن عبد الملك وما صنع بموسى بن نصير 69
46 عدة موالي موسى بن نصير 70
47 ذكر ما رآه موسى بالمغرب من العجائب 71
48 تولية سليمان بن عبد الملك أخاه مسلمة وما أشار به موسى عليه 72
49 سؤال سليمان موسى عن المغرب 73
50 ذكر قدوم موسى على الوليد 74
51 ذكر اختلاف الناقلين في صنع سليمان بموسى 77
52 نسخة القضية 77
53 ذكر يد موسى إلى المهلب 78
54 ذكر قتل عبد العزيز بن موسى بالأندلس 79
55 قدوم رأس عبد العزيز بن موسى عن أخباره وأفعاله 83
56 ذكر ولاة الأندلس بعد موسى بن نصير - ذكر حج سليمان مع عمر بن عبد العزيز 86
57 ما قال طاووس اليماني لسليمان بمكة 87
58 ذكر وفاة سليمان واستخلافه عمر بن عبد العزيز 92
59 أيام عمر بن عبد العزيز 96
60 ذكر قدوم جرير بن الخطفى على عمر بن عبد العزيز 97
61 وفاة الرشيد والمأمون خارج العراق - اتصال أشرار العراق بالأمين وإيغار صدره على أخيه الأمين 174
62 دخول المأمون قصر الخلافة وحبسه أخاه الأمين - هروب الأمين من السجن وقتله - تمام الكتاب 175