الامامة والسياسة - ابن قتيبة الدينوري ، تحقيق الزيني - ج ٢ - الصفحة ١٠٣
أمانتي، فمن أين أقبلت تشكو الكلل والجوع؟ قال: من الشام، شهدت وفاة عمر بن عبد العزيز، وحضرت جنازته. قالت: إنا لله وإنا إليه راجعون. نور كان في الدنيا فطمس، ثم زالت عنه، وتنحت وفرت منه، وهابته خوفا من أن يعدو عليها، ثم انسل الكلب ذاهبا، فلما أصبح الرجل جعل يقول للهرة: أي جنة، جزاك الله عنا خيرا. قال: فاستوبرت (1) الهرة، وذهبت فلم ترد بعد، فكتب ذلك اليوم فجاءهم موت عمر في ذلك اليوم.
وذكروا أن زياد بن عبد الله أخبرهم قال: كان رجل في بعض كور الشام يعالج أندرا (2) له مع زوجته، وكان قد استشهد ابن لهما منذ زمان طويل، فنظر الرجل إلى فارس مقبل نحوهما. فقال الرجل لزوجته: يا فلانة، هذا والله ابني وابنك مقبلا، فنظرت المرأة فقالت:
أخدعك الشيطان؟ إنك مفتون بابنك، وإنك تشبه به الناس كلهم، كيف يكون ابنك، وابنك استشهد منذ حين، فاستعاذ الرجل بالله من الشيطان الرجيم، ثم أقبل على أندره يعالجه، ودنا منهما الفارس، ثم نظر ثانية، قال: يا فلانة، ابني والله وابنك، فنظرت ودنا منهما الفارس، فلما وقف عليهما فإذا هو ابنهما. قال: فسلم عليهما وسلما عليه. فقالا له: يا بني أما كنت استشهدت منذ حين؟ قال: نعم. إلا أن عمر بن عبد العزيز توفي الليلة، فاستأذن الشهداء ربهم عز وجل في شهود جنازته، فأذن لهم، وكنت فيهم، فاستأذنت ربي في زيارتكما والنظر، فأذن لي، ثم ودعاه، وسلما عليه، ودعا لهما، ثم ذهب:
ولاية يزيد بن عبد الملك بن مروان قال: وذكروا أن الأمر صار بعد عمر بن عبد العزيز، إلى يزيد بن عبد الملك، بعهد سليمان أخيه إليه بذلك، وإلى عمر، وكان يزيد قبل ولايته محبوبا في قريش بجميل مأخذه في نفسه، وهديه وتواضعه وقصده، وكان الناس لا يشكون إذا صار إليه الأمر، أن يسير بسيرة عمر لما ظهر منه. فلما صارت إليه الخلافة حال عما كان يظن به، وسار بسيرة الوليد أخيه، واحتذى على مثاله، وأخذ مأخذه، حتى كأن الوليد لم يمت، فعظم ذلك على الناس، وصاروا من ذلك إلى أحوال يطول ذكرها، حتى هموا بخلعه، وجاءهم بذلك قوم من أشراف قريش، وخيار بني أمية، وكانت قلوبهم قد سكنت إلى هدى عمر، واطمأنت إلى عدله بعد النفار، والانكار لسيرته، وعاد ذلك من قلوبهم إلى الرضا بأمره، والقنوع بقصده عليهم، وتقصيره في إدراك المطامع، والعطايا عليهم، واتهم منهم نفر بالخلع والخروج، فأخذهم عمه محمد بن

(1) استوبرت الهرة: أي توحشت وسارت في أمكنة بعيدة (2) الأندر: البيدر: الجرن الذي يدرس فيه القمح ونحوه، ويعالجانه يعملان شيئا فيه لإصلاحه أو نحوه
(١٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر اختلاف الرواة في وقعة الحرة وخبر يزيد 3
2 ولاية الوليد المدينة وخروج الحسين بن علي 4
3 قتال عمرو بن سعيد الحسين وقتله 5
4 قدوم من أسر من آل علي على يزيد 6
5 إخراج بني أمية عن المدينة، وذكر قتال أهل الحرة 7
6 حرب ابن الزبير رضي الله عنهما 9
7 خلاف معاوية بن يزيد 10
8 غلبة ابن الزبير رضي الله عنهما وظهوره 11
9 حريق الكعبة - اختلاف أهل الشام على ابن الزبير 12
10 بيعة أهل الشام مروان بن الحكم - موت مروان بن الحكم 13
11 بيعة عبد الملك بن مروان وولايته 14
12 غلبة ابن الزبير على العراقيين وبيعتهم 15
13 بيعة أهل الكوفة لابن الزبير وخروج ابن زياد عنهما 16
14 قتال المختار عمرو بن سعد 19
15 قتل مصعب بن الزبير المختار بن أبي عبيد الله - خلع ابن الزبير 20
16 قتل عبد الملك عمرو بن سعيد 21
17 مسير عبد الملك إلى العراق 22
18 قتل مصعب بن الزبير - ذكر حرب ابن الزبير وقتله 23
19 ولاية الحجاج على العراقيين 25
20 خروج ابن الأشعث على الحجاج 26
21 حرب الحجاج مع ابن الأشعث وقتله 29
22 أسر عامر بن سعيد الشعبي 39
23 انهزام ابن الأشعث وقيام عبد الرحمن بن عياش 41
24 ذكر قتل سعيد بن جبير 42
25 ذكر بيعة الوليد وسليمان بن عبد الملك 44
26 موت عبد الملك وبيعة الوليد 46
27 تولية موسى بن نصير البصرة 48
28 دخول موسى بن نصير على عبد الملك بن مروان - تولية موسى بن نصير على إفريقية 49
29 خطبة موسى بن نصير رحمه الله - دخول موسى بن نصير إفريقية 50
30 خطبة موسى بإفريقية 51
31 فتح زعوان - قدوم كتاب الفتح على عبد العزيز بن مروان - إنكار عبد الملك تولية موسى بن نصير 52
32 جوابه - كتاب عبد العزيز بالفتح إلى عبد الملك - جوابه 53
33 فتح هوارة وزناته وكتامة - فتح صنهاجة 54
34 فتح سجوما 55
35 قدوم الفتح على عبد الملك بن مروان 56
36 غزوة موسى في البحر 57
37 غزوة السوس الأقصى 58
38 قدوم الفتوحات على الوليد بن عبد الملك - فتح قلعة أرساف 59
39 فتح الأندلس 60
40 اتهام الوليد موسى بالخلع - دخول وفد موسى على الوليد بن عبد الملك 62
41 ذكر ما وجد موسى في البيت الذي وجد فيه المائدة مع صور العرب - ذكر ما أفاء الله عليهم 63
42 غزوة موسى بن نصير البشكنس والإفرنج 64
43 خروج موسى بن نصير من الأندلس - قدوم موسى إفريقية 66
44 قدوم موسى إلى مصر - قدوم موسى على الوليد رحمهما الله 68
45 خلافة سليمان بن عبد الملك وما صنع بموسى بن نصير 69
46 عدة موالي موسى بن نصير 70
47 ذكر ما رآه موسى بالمغرب من العجائب 71
48 تولية سليمان بن عبد الملك أخاه مسلمة وما أشار به موسى عليه 72
49 سؤال سليمان موسى عن المغرب 73
50 ذكر قدوم موسى على الوليد 74
51 ذكر اختلاف الناقلين في صنع سليمان بموسى 77
52 نسخة القضية 77
53 ذكر يد موسى إلى المهلب 78
54 ذكر قتل عبد العزيز بن موسى بالأندلس 79
55 قدوم رأس عبد العزيز بن موسى عن أخباره وأفعاله 83
56 ذكر ولاة الأندلس بعد موسى بن نصير - ذكر حج سليمان مع عمر بن عبد العزيز 86
57 ما قال طاووس اليماني لسليمان بمكة 87
58 ذكر وفاة سليمان واستخلافه عمر بن عبد العزيز 92
59 أيام عمر بن عبد العزيز 96
60 ذكر قدوم جرير بن الخطفى على عمر بن عبد العزيز 97
61 وفاة الرشيد والمأمون خارج العراق - اتصال أشرار العراق بالأمين وإيغار صدره على أخيه الأمين 174
62 دخول المأمون قصر الخلافة وحبسه أخاه الأمين - هروب الأمين من السجن وقتله - تمام الكتاب 175