قدوم خالد بن صفوان بن الأهتم على هشام قال: وذكروا أن شبيب بن شبة، أخبرهم عن خالد بن صفوان بن الأهتم، قال: أوفدني يوسف بن عمر إلى هشام في وفد العراق، فقدمت عليه، وقد خرج منتدبا (1) في قرابته وأهله وحشمه، وحاشيته من أهله إلى بعض بوادي الرصافة (2)، فنزل في قاع صحصح (3) أفيح، في عام قد بكر وسميه (4) وقد ألبست الأرض أنواع زهرتها، وأخرجت ألوان زينتها، من نور ربيعها فهي في أحسن منظر وأجمل مخبر، بصعيد كأن ترابه قطع الكافور، فلو أن قطعة دينار ألقيت فيه لم تترب (5)، وقد ضرب له سرادقات من حبرات اليمن (6) مزرورة بالفضة والذهب، وضرب له فسطاطه في وسطه، فيه أربعة أفرشة من خز أحمر، مثلها مرافقها، وعليه دراعة (7) خز أحمر وعمامة مثلها، وضربت حجر نسائه من وراء سرادقه، وعنده أشراف قريش، وقد ضربت حجر بنية وكتابه وحشمه بقرب فسطاطه، ثم أمر الربيع حاجبه، فأذن للناس إذنا عاما، فدخلوا عليه، وأخذ الناس مجالسهم، قال خالد: فأدخلت رأسي من ناحية السماط فأطرق، ثم رفع رأسه ونظر إلي شبه المستنكر، وكنت قد حليت عنده ببلاغة، وفهم وحكمة. فقلت: أقر الله نعمته عليك يا أمير المؤمنين وكرامته، وسوغك شكره يا أمير المؤمنين ومد لك في المزيد فيها بفضله، ثم وصلها بعد بطول العمر، وتتابع الكرامة الباقية التي لا انقطاع لها، ولا نفاد لشئ منها، حتى يكون آجل ذلك خيرا من عاجله، وآخره أفضل من أوله، وعاقبته خيرا من ابتدائه، وجعل ما قلدك من هذا الأمر رشدا، وعاقبته تؤول إلى أحمد ودرك الرضا، وأخلص لك ذلك بالتقوى، وكثره لك بالنماء، ولا كدر عليك منك ما صفا، ولا خالط
(١٠٥)