النخيل (1)، وكان في مدينتهم شعوب وقبائل يتحكم فيهم شيوخهم وسادتهم، وفيهم تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون (2) فلما أسرفوا في أمرهم أرسل الله إليهم صالحا النبي (عليه السلام)، وكان من بيت الشرف والفخار معروفا بالعقل والكفاءة (3) فدعاهم إلى توحيد الله سبحانه وأن يتركوا عبادة الأصنام وأن يسيروا في مجتمعهم بالعدل والاحسان وأن لا يطغوا ولا يسرفوا (4) فقام بالدعوة إلى دين الله بالحكمة والموعظة الحسنة وصبر على الأذى في جنب الله، فلم يؤمن به إلا جماعة قليلة من الضعفاء (5).
أما الطغاة والمستكبرون وعامة من تبعهم فقد أصروا على كفرهم واستذلوا الذين آمنوا به ورموه بالسفاهة والسحر (6) وطلبوا منه البينة على كلامه وسألوه آية معجزة تدل على صدقه في دعوى الرسالة، واقترحوا له أن يخرج لهم من صخر الجبل ناقة، فأتاهم بناقة على ما وصفوها له، وقال لهم: إن الله يأمركم أن تشربوا من عين مائكم يوما وتكفوا عنها يوما فتشربها الناقة، فلها شرب يوم ولكم شرب يوم معلوم، وأن تذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب (7) وكان الأمر على ذلك حينا. ثم إنهم مكروا وطغوا وبعثوا أشقاهم لقتل الناقة فعقرها. وقالوا