فلما رآه أسعد قال لمصعب: أي مصعب، جاءك - والله - سيد من وراءه من قومه ان يتبعك لا يتخلف عنك منهم اثنان!
ولما رآهما سعد مطمئنين عرف أن أسيدا انما أراد منه أن يسمع منهما، فوقف عليهما متشمتا وقال لأسعد: يا أبا أمامة، أما والله لولا ما بيني وبينك من القرابة ما رمت هذا مني! أتغشانا في ديارنا بما نكره؟!
فقال له مصعب: أو تقعد فتسمع، فان رضيت أمرا ورغبت فيه قبلته، وان كرهت عزلنا عنك ما تكره؟
قال سعد: أنصفت. ثم ركز الحربة وجلس، فعرض عليه الاسلام وقرأ عليه من القرآن (1) * (حم تنزيل من الرحمن الرحيم) * (2) فلما سمعها بعث إلى منزله فاتي بثوبين طاهرين فاغتسل وشهد الشهادتين وصلى ركعتين، ثم قام وأخذ بيد مصعب وحوله إليه وقال: أظهر أمرك ولا تهابن أحدا.
ثم جاء فوقف في بني عمرو بن عوف وصاح: يا بني عمرو بن عوف، لا يبقين رجل ولا امرأة ولا بكر ولا ذات بعل ولا شيخ ولا صبي الا أن يخرج، فليس هذا يوم ستر ولا حجاب.
فلما اجتمعوا قال: كيف حالي عندكم؟ قالوا: أنت سيدنا والمطاع فينا ولا نرد لك أمرا فمرنا بما شئت.
فقال: كلام رجالكم ونسائكم وصبيانكم علي حرام حتى تشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، والحمد لله الذي أكرمنا بذلك، وهو الذي كانت اليهود تخبرنا به.