فقال: ضع في أذنيك القطن.
فدخل أسعد المسجد وقد حشا اذنيه من القطن. فطاف بالبيت ورسول الله (صلى الله عليه وآله) جالس في الحجر مع قوم من بني هاشم، فنظر إليه نظرة فجازه، فلما كان في الشوط الثاني قال في نفسه: ما أجد أجهل مني! أيكون مثل هذا الحديث بمكة فلا نعرفه حتى أرجع إلى قومي فأخبرهم؟! ثم أخرج القطن من اذنيه ورمى به وقال لرسول الله: أنعم صباحا! فرفع رسول الله رأسه إليه وقال: قد أبدلنا الله به ما هو أحسن من هذا، تحية أهل الجنة: السلام عليكم. فقال له أسعد: ان عهدك بهذا لقريب. إلى ما تدعو يا محمد؟ قال: إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، وأدعوكم إلى: * (ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم الله الا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون ولا تقربوا مال اليتيم الا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفسا الا وسعها وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون) * (1).
فلما سمع أسعد هذا قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنك رسول الله. يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، أنا من أهل يثرب من الخزرج وبيننا وبين إخواننا من الأوس حبال مقطوعة، فان وصلها الله بك فلا أجد أعز منك، ومعي رجل من قومي فان دخل في هذا الأمر رجوت أن يتمم الله لنا أمرنا فيك. والله يا رسول الله لقد كنا نسمع من اليهود