العالم.
واعتمدنا فيما كتبناه هنا - حتى الإمكان - على أسبق ما كتبه أو رواه السابقون الأولون ولا سيما من مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) دون المتأخرين فضلا عن المعاصرين إلا قليلا، إذ هو علم نقلي ليس للمتأخر إلا ما كتبه المتقدم اللهم إلا في كيفية الإخراج والتأليف والتصنيف والترتيب والتنظيم والتنسيق، ثم توجيهه وتحليله كل في حدود إمكانه وطاقته.
وقد أمسك أولئك المؤرخون القدامى عن أية دراسة أو تحليل للحوادث والوقائع التأريخية، ولعله صيانة لنصوص أحاديث تلك الحوادث، لا بشأن النبي (صلى الله عليه وآله) فحسب، بل إن التأريخ الإسلامي بصورة عامة كتب بدون دراسة أو تحليل أو تحقيق. أجل إن أول من فتح هذا الطريق بوجه المؤرخين الإسلاميين هو العالم العربي القاضي عبد الرحمن بن محمد الخضري المالكي المعروف بابن خلدون (ت 808 ه)، فإنه أسس في " مقدمته " أسس التأريخ التحليلي، وهي بما فيها من اشتباهات كثيرة في تحليل بعض الحوادث تعد أثرا مفيدا جديدا مبتكرا في بابه.
وقد كتبت بشأن النبي العظيم من النوعين الأول والثاني، أي التأريخ الوقائعي والتحليلي كتب كثيرة، ولكن يعوز النوع الأول: التحليل، ويعوز النوع الثاني في كثير من الأحيان أنها على جانب كبير من الأخطاء العجيبة، حيث إنها اعتمدت على مصادر غير معتبرة أو على كتب المستشرقين.
فبالنظر إلى هذين الإشكالين الأساسيين عمدنا في حدود إمكاننا في دراستنا هذه أن نتجنبهما، وذلك بأن:
1 - نسجل الحوادث المهمة التي تتميز بدروس لنا فيها، وأن ننقل ذلك من المصادر الأصلية الأولى المؤلفة في القرون الأولى الإسلامية.