فقال المشركون بعضهم لبعض: لقد استفحل أمر محمد وعظم خطبه، فتعالوا نبدأ (كذا) بتقريعه وتبكيته وتوبيخه والاحتجاج عليه وابطال ما جاء به، ليهون خطبه على أصحابه ويصغر قدره عندهم، فلعله ينزع عما هو فيه من غيه وباطله وتمرده وطغيانه، فان انتهى والا عاملناه بالسيف الباتر!
قال أبو جهل: فمن ذا الذي يلي كلامه ومجادلته؟
قال عبد الله بن أبي أمية المخزومي: أنا لذلك، أفما ترضاني له قرنا حسيبا ومجادلا كفيا؟
فاتوه بأجمعهم، فابتدأ عبد الله بن أبي أمية المخزومي فقال:
يا محمد! لقد ادعيت دعوى عظيمة وقلت مقالا هائلا: زعمت أنك رسول رب العالمين، وما ينبغي لرب العالمين وخالق الخلق أجمعين أن يكون رسوله: بشر مثلك تأكل كما نأكل وتشرب كما نشرب وتمشي في الأسواق كما نمشي! وهذا ملك الروم وهذا ملك الفرس لا يبعثان رسولا الا كثير المال عظيم الحال، له قصور ودور، وفساطيط وخيام، وعبيد وخدام، ورب العالمين فوق هؤلاء كلهم فهم عبيده، فلو كنت نبيا لكان معك ملك يصدقك ونشاهده. بل لو أراد الله أن يبعث إلينا نبيا لكان إنما يبعث إلينا ملكا لا بشرا مثلنا.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): فهل بقي من كلامك شئ؟
قال: نعم، لو أراد أن يبعث إلينا رسولا لبعث أجل من فيما بيننا أكثرهم مالا وأحسنهم حالا، فهلا أنزل هذا القرآن، - الذي تزعم أن الله أنزله عليك وابتعثك به رسولا - على رجل من القريتين عظيم: إما الوليد بن المغيرة بمكة، وإما عروة بن مسعود الثقفي بالطائف.
فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا عبد الله، أما ما ذكرت... إلى أن قال: