موسوعة التاريخ الإسلامي - محمد هادي اليوسفي - ج ١ - الصفحة ٣٦
وعلي بابها! فسر الحاضرون بذلك، فسألوه أن يخرج لهم إسناده، فوعدهم به (1) وذكر القصة ابن عساكر فقال: فأنعم ولم يخرجه لهم (2). أجل، هكذا كانت الأحاديث تلفق لأغراض سياسية ولأهواء عاجلة حتى كثرت وشاعت.
هذا، وقد تولى كتاب السيرة كتابتها - كما مر خبرها - للخلفاء: فابن إسحاق كتب سيرته للمنصور وابنه المهدي، والواقدي كتب مغازيه للرشيد ووزيره يحيى بن خالد البرمكي، اللهم إلا هشام الكلبي والمدائني فإنهما لم يكتبا لأحد منهم، ولكنهم كلهم ما كان لهم أن ينازعوا مع الخليفة في آرائه خوفا منه، ولذلك فإنه لا ينطبق على ما كتبوه مقاييس الصحة بدقة.
ومن أمثلة الاختلاف في النقل الذي يبدأ بذكر معجزة نراها تزيد بزيادة الزمان إلى معاجز: ما حدث في أثناء مسيرة جيش العسرة إلى تبوك:
فقد روى ابن هشام قال: " قال ابن إسحاق: فلما أصبح الناس ولا ماء معهم شكوا ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه ج وآله ج وسلم - فدعا رسول الله، فأرسل الله سحابة فأمطرت حتى ارتوى الناس واحتملوا حاجتهم من الماء " (3).
أما صحيح مسلم فيروي قصة تبوك بصورة أخرى لا تقتصر على هذه المعجزة بل تزيدها زيادة كثيرة على غير ما ورد في سيرة ابن إسحاق:

(١) لسان الميزان ١: ٤٢٢.
(2) تأريخ ابن عساكر 3: 34 وانظر كتاب: فتح الملك العلي بصحة حديث مدينة العلم علي:
156 ط - الحيدرية - النجف الأشرف. بتحقيق الدكتور الشيخ محمد هادي الأميني النجفي.
(3) السيرة النبوية، لابن هشام 3 و 4: 522.
(٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»
الفهرست