موسوعة التاريخ الإسلامي - محمد هادي اليوسفي - ج ١ - الصفحة ٣٤٤
عن الزبير، فهي مرسلة لا أظنها الا مسروقة عن خبر عمرو بن شمر عن جابر بالطريق الذي وقع فيه الخطأ والالتباس، ولا يقع من هذا أي تشكيك في موت القاسم قبل الإسلام، كما لا ريب في موت عبد الله الطيب الطاهر بعد البعثة (1).
(1) خلافا (لهيكل) في كتابه إذ قال: أما القاسم وعبد الله فلم يعرف عنهما الا أنهما ماتا طفلين في الجاهلية لم يتركا أثرا يبقى أو يذكر، لكنهما من غير شك قد ترك موتهما في نفس أبويهما ما يتركه موت الابن من أثر عميق، وترك موتهما من غير شك في نفس خديجة ما جرح أمومتها جرحين داميين وهي لا ريب (!) وقد اتجهت عند موت كل واحد منهما في الجاهلية إلى آلهتها الأصنام تسألها: ما بالها لم تشملها برحمتها وبرها. (حياة محمد: 128) ولا ريب في بطلان ظنونه، فلا مستند لزعمه هذا، وليس الا حدسا ناشئا من قياس خديجة بسائر نساء قريش. ونحن إذ تبينا أن دوافع زواجها برسول الله إنما كانت دوافع معنوية، وذلك لأنها كانت قد سمعت من ابن عمها ورقة بن نوفل النصراني وغلامها ميسرة عن الراهب النصراني أن محمدا نبي آخر الزمان فتزوجت به لذلك، وأضفنا إلى ذلك كراهته للأصنام حتى أنه حينما أقسم عليه بحيرا الراهب بالأوثان قال: إنها أبغض خلق الله إليه.. فلا يمكنا مع ذلك أن نقول: إنها كانت تلجأ في موت أولادها إلى الأصنام وهن أبغض خلق الله إلى حبيبها محمد (صلى الله عليه وآله).
ولا يفوتنا هنا أن ننوه إلى أن القسطلاني قال: قيل: ولد له ولد قبل المبعث يقال له عبد مناف (!) ومع هذا يكون أولاده اثني عشر كلهم ولدوا في الإسلام سوى هذا (المواهب اللدنية 1: 196) والظاهر أن مستنده ما نقله المقدسي عن قتادة قال:
ولدت خديجة لرسول الله عبد مناف في الجاهلية، وولدت له في الإسلام غلامين وأربع بنات: القاسم وبه كان يكنى: أبا القاسم فعاش حتى مشى ثم مات، وعبد الله مات صغيرا. وأم كلثوم، وزينب، ورقية، وفاطمة (البدء والتأريخ 4: 139، 5: 16) وقول قتادة هذا شاذ يتنافى مع كل ما تقدم عن غيره وهو كثير مستفيض مشهور، كما مر ويشبه هذا في الشذوذ ما ذهب إليه أبو القاسم الكوفي إذ قال: كانت لخديجة أخت اسمها هالة، تزوجها رجل مخزومي فولدت له بنتا اسمها هالة، ثم خلف عليها رجل تميمي يقال له أبو هند، فأولدها ولدا اسمه هند، وكان لهذا التميمي امرأة أخرى قد ولدت له زينب ورقية فماتت ومات التميمي فلحق ولده هند بقومه، وبقيت هالة - أخت خديجة - والطفلتان من التميمي وزوجته الأخرى فضمتهم خديجة إليها. وبعد أن تزوجت بالرسول (صلى الله عليه وآله) ماتت هالة فبقيت الطفلتان في حجر خديجة والرسول (صلى الله عليه وآله)، وكان العرب يزعمون أن الربيبة بنت فنسبتها إليه، مع أنهما ابنتا أبي هند زوج أختها (الاستغاثة: 68).
وروى الحافظ عبد الرزاق في مصنفه عن عمر بن دينار عن الحسن بن محمد بن علي قال: ان أبا العاص بن الربيع كان زوجا لبنت خديجة (المصنف 5: 224).
وقال مغلطاي في سيرته: وخلف عليها (خديجة) أبو هالة النباش بن زرارة فولدت له هندا والحرث وزينب (سيرة مغلطاي: 12).
فعلى الأول تكون زينب ورقية من ضرة هالة أخت خديجة، وعلى الثاني والثالث تكون زينب بنت خديجة من زوجها السابق أو الأسبق. ولكن لا مجال لهذه الأقوال بعد تصريح نص الخبرين المعتبرين للصفار والصدوق المسندين إلى الإمامين الباقر والصادق (عليهما السلام) " ولد لرسول الله من خديجة " وفيهم رقية وزينب، وليست العبارة نسبة الأبوة أو البنوة لتحمل على عادة العرب في نسبة الربائب فنحتمل صدق مقال صاحب الاستغاثة: كان العرب يزعمون أن الربيبة بنت فنسبتا إليه.