نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفسا إلا وسعها وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون) * (1).
فلما سمع أسعد هذا قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأنك رسول الله.
كانت هاتان الآيتان من سورة الأنعام تتضمنان الداء والدواء لامة متحاربة جاهلة، ولذلك خلفت أثرا عميقا في قلب أسعد وذكوان الخزرجيين فأسلما فورا " ثم قالا: يا رسول الله! ابعث معنا رجلا يعلمنا القرآن ويدعو الناس إلى أمرك. فأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) مصعب بن عمير بالخروج معهما، فخرج هو معهما إلى المدينة حتى قدموا على قومهم " (2).
إن النظر في مفاد هاتين الآيتين يغنينا عن أي بحث آخر عن أوضاع العرب قبل الإسلام، فإن هاتين الآيتين تبينان ما كان يسود حياة العرب في الجاهلية من الأمراض الخلقية المزمنة، وإن مضمون هاتين الآيتين شاهد على ابتلاء العرب بجميع هذه الأوصاف الرذيلة، ولهذا تلاهما رسول الله على أسعد في أول لقائه به وبذلك عرفه برسالته.