يزيد بن الحارث بن رؤيم أبا حوشب إلى جبانة مراد وأوصى كل رجل أن يكفيه قومه وأن لا يؤتى من قبله وأن يحكم الوجه الذي وجهه فيه وبعث شبث ابن ربعي إلى السبخة وقال إذا سمعت صوت القوم فوجه نحوهم فكان هؤلاء قد خرجوا يوم الاثنين فنزلوا هذه الجبابين وخرج إبراهيم بن الأشتر من رحله بعد المغرب يريد إتيان المختار وقد بلغه أن الجبابين قد حشيت رجالا وأن الشرط قد أحاطت بالسوق والقصر (قال أبو مخنف) فحدثني يحيى بن أبي عيسى عن حميد بن مسلم قال خرجت مع إبراهيم من منزله بعد المغرب ليلة الثلاثاء حتى مررنا بدار عمر بن حريث ونحن مع ابن الأشتر كتيبة نحو من مائة علينا الدروع قد كفرنا عليها بالأقبية ونحن متقلدو السيوف ليس معنا سلاح إلا السيوف في عواتقنا والدروع قد سترناها بأقبيتنا فلما مررنا بدار سعيد بن قيس فجزناها إلى دار أسامة قلنا مر بنا على دار خالد بن عرفطة ثم امض بنا إلى بجيلة فلنمر في دورهم حتى نخرج إلى دار المختار وكان إبراهيم فتى حدثا شجاعا فكان لا يكره أن يلقاهم فقال والله لامرن على دار عمرو بن حريث إلى جانب القصر وسط السوق ولأرعبن به عدونا ولأرينهم هوانهم علينا قال فأخذنا على باب الفيل على دار هبار ثم أخذ ذات اليمين على دار عمرو بن حريث حتى إذا جاوزها ألفينا إياس بن مضارب في الشرط مظهرين السلاح فقال لنا من أنتم ما أنتم فقال له إبراهيم أنا إبراهيم بن الأشتر فقال له ابن مضارب ما هذا الجمع معك وما تريد والله إن أمرك لمريب وقد بلغني أنك تمر كل عشية ههنا وما أنا بتاركك حتى آتي بك الأمير فيرى فيك رأيه فقال إبراهيم لا أبا لغيرك خل سبيلنا فقال كلا والله لا أفعل ومع إياس بن مضارب رجل من همدان يقال له أبو قطن كان يكون مع امرة الشرطة فهم يكرمونه ويؤثرونه وكان لابن الأشتر صديقا فقال له ابن الأشتر يا أبا قطن ادن منى ومع أبى قطن رمح له طويل فدنا منه أبو قطن ومعه الرمح وهو يرى أن ابن الأشتر يطلب إليه أن يشفع له إلى ابن مضارب ليخلى سبيله فقال إبراهيم وتناول الرمح من يده إن رمحك هذا لطويل فحمل به إبراهيم
(٤٩٧)