أعجب ما رأيت يوم عين الوردة بعد هلاك القوم أن رجلا أقبل حتى شد على بسيفه فخرجنا نحوه قال فانتهى إليه وقد عقر به وهو يقول:
إني من الله إلى الله أفر * رضوانك اللهم أبدى وأسر قال فقلنا له ممن أنت قال من بني آدم قال فقلنا ممن قال لا أحب أن أعرفكم ولا أن تعرفوني يا مخربي البيت الحرام قال فنزل إليه سليمان بن عمرو بن محصن الأزدي من بنى الخيار قال وهو يومئذ من أشد الناس قال فكلاهما أثخن صاحبه قال وشد الناس عليه من كل جانب فقتلوه قال فوالله ما رأيت واحدا قط هو أشد منه قال فلما ذكر لي وكنت أحب أن أعلم علمه دمعت عيناي فقال أبينك وبينه قرابة فقلت له لا ذلك رجل من مضر كان لي ودا وأخا فقال لي لا أرقأ الله دمعك أتبكى على رجل من مضر قتل على ضلالة قال قلت لا والله ما قتل على ضلالة ولكنه قتل على بينة من ربه وهدى فقال لي أدخلك الله مدخله قلت آمين وأدخلك الله مدخل حصين بن نمير ثم لا أرقا الله لك عليه دمعا ثم قمت وقام وكان مما قيل من الشعر في ذلك قول أعشى همدان وهى إحدى المكتمات كن يكتمن في ذلك الزمان ألم خيال منك يا أم غالب * فحبيت عنا من حبيب مجانب وما زلت لي شجوا وما زلت مقصدا * لهم عراني من فراقك ناصب فما أنس لا أنس انفتالك في الضحى * إلينا مع البيض الوسام الخراعب تراءت لنا هيفاء مهضومة الحشا * لطيفة طي الكشح ريا الحقائب مبتلة غراء رود شبابها * كشمس الضحى تنكل بين السحائب فلما تغشاها السحاب وحوله * بدا حاجب منها وضنت بحاجب فتلك الهوى وهى الجوى لي والمنى * فأحسب؟ بها من خلة لم تصاقب ولا يبعد الله الشباب وذكره * وحب تصافى المعصرات الكواعب ويزداد ما أحببته من عتابنا * لعابا وسقيا للخدين المقارب فإني وإن لم أنسهن لذاكر * رزيئة مخبات كريم المناصب توسل بالتقوى إلى الله صادقا * وتقوى الاله خير تكساب كاسب