كامل الأداة فلم يكلمنا حتى مر على أبياتنا فنظر إلى أبياتنا فإذا هو لا يرى إلا حطبا تلتهب النار فيه فرجع راجعا فنادى بأعلى صوته يا حسين استعجلت النار في الدنيا قبل يوم القيامة فقال الحسين من هذا كأنه شمر بن ذي الجوشن فقالوا نعم أصلحك الله هو هو فقال يا ابن راعية المعزى أنت أولى بها صليا فقال له مسلم بن عوسجة يا ابن رسول الله جعلت فداك ألا أرميه بسهم فإنه قد أمكنني وليس يسقط سهم فالفاسق من أعظم الجبارين فقال له الحسين لا ترمه فإني أكره أن أبدأهم وكان مع الحسين فرس له يدعى لاحقا حمل عليه ابنه علي بن الحسين قال فلما دنا منه القوم عاد براحلته فركبها ثم نادى بأعلى صوته بصوت عال دعاء يسمع جل الناس أيها الناس اسمعوا قولي ولا تعجلوني حتى أعظكم بما لحق لكم على وحتى أعتذر إليكم من مقدمي عليكم فإن قبلتم عذري وصدقتم قولي وأعطيتموني النصف كنتم بذلك أسعد ولم يكن لكم على سبيل وإن لم تقبلوا منى العذر ولم تعطوا النصف من أنفسكم فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلى ولا تنظرون إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين قال فلما سمع أخواته كلامه هذا صحن وبكين وبكى بناته فارتفعت أصواتهن فأرسل إليهن أخاه العباس بن علي وعليا ابنه وقال لهما أسكتاهن فلعمري ليكثرن بكاؤهن قال فلما ذهبا ليسكتاهن قال لا يبعد ابن عباس قال فظننا أنه إنما قالها حين سمع بكاؤهن لأنه قد كان نهاه أن يخرج بهن فلما سكتن حمد الله وأثنى عليه وذكر الله بما هو أهله وصلى على محمد صلى الله عليه وعلى ملائكته وأنبيائه فذكر من ذلك ما الله أعلم وما لا يحصى ذكره قال فوالله ما سمعت متكلما قط قبله ولا بعده أبلغ في منطق منه ثم قال أما بعد فانسبوني فانظروا من أنا ثم ارجعوا إلى أنفسكم وعاتبوها فانظروا هل يحل لكم قتلى وانتهاك حرمتي ألست ابن بنت نبيكم صلى الله عليه وسلم وابن وصيه وابن عمه وأول المؤمنين بالله والمصدق لرسوله بما جاء به من عند ربه أوليس حمزة سيد الشهداء عم أبى أوليس جعفر الشهيد الطيار ذو الجناحين عمى أولم يبلغكم قول مستفيض فيكم أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال لي ولأخي
(٣٢٢)