وإن عدوكم كثير فلا يهولنكم فكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين ارتحلوا من مكانكم هذا فأسندوا إلى هذا الجيل فاجعلوه في ظهوركم واجعلوا النهر بينكم وبين عدوكم وقاتلوهم من وجه واحد ففعلوا وقد أعدوا ما يصلحهم وهو في عشرة آلاف من أهل البصرة وأهل الكوفة نحو منهم وأقبلت الترك ومن أجلبت حتى نزلوا بهم فكانوا يغادرونهم ويراوحونهم ويتنحون عنهم بالليل ما شاء الله وطلب الأحنف علم مكانهم بالليل فخرج ليلة بعد ما علم علمهم طليعة لأصحابه حتى كان قريبا من عسكر خاقان فوقف فلما كان في وجه الصبح خرج فارس من الترك بطوقه وضرب بطبله ثم وقف من العسكر موقفا يقفه مثله فحمل عليه الأحنف فاختلفا طعنتين فطعنه الأحنف فقتله وهو يرتجز ويقول:
إن على كل رئيس حقا * أن يخضب الصعدة أو تندقا إن لنا شيخا بها ملقى * سيف أبي حفص الذي تبقى ثم وقف موقف التركي وأخذ طوقه وخرج آخر من الترك ففعل فعل صاحبه الأول ثم وقف دونه فحمل عليه الأحنف فاختلفا طعنتين فطعنه الأحنف فقتله وهو يرتجز إن الرئيس يرتبى ويطلع * ويمنع الخلاء إما أربعوا ثم وقف موقف التركي الثاني وأخذ طوقه ثم خرج ثالث من الترك ففعل فعل الرجلين ووقف دون الثاني منهما فحمل عليه الأحنف فاختلفا طعنتين فطعنه الأحنف فقتله وهو يرتجز جرى الشموس ناجزا بناجز * محتفلا في جريه مشارز ثم انصرف الأحنف إلى عسكره ولم يعلم بذلك أحد منهم حتى دخله واستعد وكان من شيمة الترك أنهم لا يخرجون حتى يخرج ثلاثة من فرسانهم كهؤلاء كلهم يضرب بطبله ثم يخرجون بعد خروج الثالث فخرجت الترك ليلتئذ بعد الثالث فأتوا على فرسانهم مقتلين فتشأم خاقان وتطير فقال قد طال مقامنا وقد أصيب