وما القصب قالوا العكرش إذا روى قصب فصار قصبا قال فشأنكم فابتنى أهل المصرين بالقصب ثم إن الحريق وقع بالكوفة وبالبصرة وكان أشدهما حريقا الكوفة فاحترق ثمانون عريشا ولم يبق فيها قصبة في شوال فما زال الناس يذكرون ذلك فبعث سعد منهم نفرا إلى عمر يستأذنون في البناء باللبن فقدموا عليه بالخبر عن الحريق وما بلغ منهم وكانوا لا يدعون شيئا ولا يأتونه إلا وآمروه فيه فقال افعلوا ولا يزيدن أحدكم على ثلاثة أبيات ولا تطاولوا في البنيان والزموا السنة تلزمكم الدولة فرجع القوم إلى الكوفة بذلك وكتب عمر إلى عتبة وأهل البصرة بمثل ذلك وعلى تنزيل أهل الكوفة أبو الهياج بن مالك وعلى تنزيل أهل البصرة عاصم بن الدلف أبو الجرباء قال وعهد عمر إلى الوفد وتقدم إلى الناس أن لا يرفعوا بنيانا فوق القدر قالوا وما القدر قال ما لا يقربكم من السرف ولا يخرجكم من القصد (كتب إلي السري) عن شعيب عن سيف عن محمد وطلحة والمهلب وعمرو وسعيد قالوا لما أجمعوا على أن يضعوا بنيان الكوفة أرسل سعد إلى أبي الهياج فأخبره بكتاب عمر في الطرق أنه أمر بالمناهج أربعين ذراعا وما يليها ثلاثين ذراعا وما بين ذلك عشرين وبالأزقة سبع أذرع ليس دون ذلك شئ وفي القطائع ستين ذراعا إلا الذي لبنى ضبة فاجتمع أهل الرأي للتقدير حتى إذا أقاموا على شئ قسم أبو الهياج عليه فأول شئ خط بالكوفة وبنى حين عزموا على البناء المسجد فوضع في موضع أصحاب الصابون والتمارين من السوق فاختطوه ثم قام رجل في وسطه رام شديد النزع فرمى عن يمينه فأمر من شاء أن يبني وراء موقع ذلك السهم ورمى من بين يديه ومن خلفه وأمر من شاء أن يبني وراء موقع السهمين فترك المسجد في مربعة علوه من كل جوانبه وبنى ظلة في مقدمه ليست لها مجنبات ولا مواخير والمربعة لاجتماع الناس لئلا يزدحموا وكذلك كانت المساجد ما خلا المسجد الحرام فكانوا لا يشبهون به المساجد تعظيما لحرمته وكان ظلته مائتي ذراع على أساطين رخام كانت للأكاسرة سماؤها كأسمية الكنائس الرومية وأعلموا على الصحن بخندق لئلا يقتحمه أحد ببنيان وبنوا لسعد دارا بحياله بينهما طريق منقب مائتي ذراع
(١٤٨)