الذي كان دون كسرى فدخل عليه وقال له عمرك الله ان اسفاذ جشنس بالباب وذكر ان الملك شيرويه أرسله إليك في رسالة وهو يستأذن عليك فرأيك في الامر فيه برأيك فتبسم كسرى وقال مازحا يا جيلنوس أسفاذان كلامك مخالف كلام أهل العقل وذلك أنه إن كانت الرسالة التي ذكرت من شيرويه الملك فليس لنا مع ملكه اذن وإن كان لنا اذن وحجب فليس شيرويه بملك ولكن المثل في ذلك كما قيل يشاء الله الشئ فيكون ويأمر الملك بأمر فينفذ فأذن لاسفاذ جشنس يبلغ الرسالة التي حملها فلما سمع جيلنوس هذه المقالة خرج من عند كسرى وأخذ بيد اسفاذ جشنس وقال له قم فادخل إلى كسرى راشدا فنهض اسفاذ جشنس ودعا بعض من كان معه من خدمه ودفع إليه كساءا كان لابسه وأخرج من كمه ششتقة بيضاء نقية فمسح بها وجهه ثم دخل على كسرى فلما عاين كسرى خر له ساجدا فأمره كسرى بالانبعاث فانبعث وكفر بين يديه وكان كسرى جالسا على ثلاثة أنماط ديباج خسرواني منسوج بذهب قد فرشت على بساط من إبريسم متكئا على ثلاث وسائد منسوجة بذهب وكان بيده سفرجلة صفراء شديدة الاستدارة فلما عاين اسفاذ جشنس تربع جالسا ووضع السفرجلة التي كانت بيده على تكأته فتدحرجت من أعلى الوسائد الثلاث لشدة استدارتها واملساس الوسادة التي كانت عليها بامتلاء حشوها إلى أعلى تلك الأنماط الثلاثة ومن النمط إلى البساط ولم تلبث على البساط تدحرجت إلى الأرض ووقعت بعيدا متلطخة بتراب فتناولها إسفاذ جشنس فمسحها بكمه وذهب ليضعها بين يدي كسرى فأشار إليه أن ينحيها عنه وقال له أعزبها عنى فوضعها اسفاذ جشنس عند طرف البساط إلى الأرض ثم عاد فقام مقامه وكفر بيده فنكس كسرى ثم قال متمثلا الامر إذا أدبر فأتت الحيلة في الاقبال به وإذا أقبل أعيت الحيلة في الادبار به وهذان الأمران متداولان على ذهاب الحيل فيهما ثم قال لاسفاذ جشنس إنه قد كان من تدحرج هذه السفرجلة وسقوطها حيث سقطت وتلطخها بالتراب وهو عندنا كالاخبار لنا بما حملت من الرسالة وما أنتم عاملون به وعاقبته فإن
(٦٢٠)