خرة يقال له أسفاذ جشنس ولمرتبته رئيس الكتيبة كان يلي تدبير المملكة فقال له انطلق إلى الملك أبينا فقل له عن رسالتنا إنا لم نكن للبلية التي أصبحت فيها ولا أحد من رعيتنا سببا ولكن الله قضاها عليك جزاء منه لك بسيئ أعمالك منها اجترامك إلى هرمز أبيك وفتكك به وازالتك الملك عنه وسملك عينيه وقتلك إياه شر قتلة وما قارفت في أمره من الاثم العظيم ومنها سوء صنيعك إلينا معشر أبنائك في حظرك علينا مثافنة الأخيار ومجالستهم وكل أمر يكون لنا فيه دعة وسرور وغبطة ومنها إساءتك كانت بمن خلدت السجون منذ دهر حتى شقوا بشدة الفقر وضيق المعاش والغربة عن بلادهم وأهاليهم وأولادهم ومنها سوء نظرك في استخلاصك كان لنفسك من النساء وتركك العطف عليهن بمودة منك والصرف لهن إلى معاشرة من كن يرزقن منه الولد والنسل وحبسك إياهن قبلك مكرهات ومنها ما آتيت إلى رعيتك عامة في اجتنابك إياهم الخراج وما انتهكت منهم في غلظتك وفظاظتك عليهم ومنها جمعك الأموال التي اجتبيتها الناس في عنف شديد واستفساد منك إياهم وادخالك البلاء والمضار عليهم فيه ومنها تجميرك من جمرت في ثغور الروم وغيرهم من الجنود وتفريقك بينهم وبين أهاليهم ومنها غدرك بمورق ملك الروم وكفرك إنعامه عليك فيما كان من ايوائه إياك وحسن بلائه عندك ودفعه عنك شر عدوك وتنويهه باسمك في تزويجه إياك أكرم النساء من بناته عليه وآثرهن عنده واستخفافك بحقه وتركك اطلابه ما طلب إليك من رد خشبة الصليب التي لم يكن بك ولا بأهل بلادك إليها حاجة علمته فإن كانت لك حجج تدلى بها عندنا وعند الرعية فأدل بها وإن لم تكن لك حجة فتب إلى الله من قريب وأنب إليه حتى نأمر فيك بأمرنا فوعى اسفاذ جشنس رسالة كسرى شيرويه هذه وتوجه من عنده إلى كسرى ليبلغه إياها فلما توجه إلى الموضع الذي كان حبس فيه كسرى ألقى رجلا يقال له جيلنوس كان قائد الجند قد وكل بحراسة كسرى جالسا فتحاورا ساعة ثم سأل أسفاذ جشنس جيلنوس أن يستأذن له على كسرى ليلقاه برسالة من شيرويه فرجع جيلنوس فرفع الستر
(٦١٩)