وإذا هم قد صنعوا طعاما فوضعوه بين يدي الآلهة قالوا إذا كان حين نرجع رجعنا وقد باركت الآلهة في طعامنا فأكلنا فلما نظر إليهم إبراهيم عليه السلام وإلى ما بين أيديهم من الطعام قال ألا تأكلون؟ فلما لم تجبه قال ما لكم لا تنطقون؟ فراغ عليهم ضربا باليمين فأخذ حديدة فبقر كل صنم في حافتيه ثم علق الفأس في عنق الصنم الأكبر ثم خرج فلا جاء القوم إلى طعامهم ونظروا إلى آلهتهم قالوا (من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين، قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم) قال أبو جعفر رجع الحديث إلى حديث ابن إسحاق ثم أقبل عليهم كما قال الله عز وجل ضربا باليمين ثم جعل يكسرهن بفأس في يده حتى إذا بقى أعظم صنم منها ربط الفأس بيده ثم تركهن فلما رجع قومه رأوا ما صنع بأصنامهم فراعهم ذلك فأعظموه وقالوا من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين ثم ذكروا فقالوا قد سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم يعنون فتى يسبها ويعيبها ويستهزئ بها لم نسمع أحدا يقول ذلك غيره وهو الذي نظن صنع هذا بها وبلغ ذلك نمرود وأشراف قومه فقالوا (فأتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون) أي ما نصنع به فكان جماعة من أهل التأويل منهم قتادة والسدي يقولون في ذلك لعلهم يشهدون عليه أنه هو الذي فعل ذلك وقالوا كرهوا أن يأخذوه بغير بينة * رجع الحديث إلى حديث ابن إسحاق قال فلما أتى به فاجتمع له قومه عند ملكهم نمرود قالوا (أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم؟ قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون) غضب من أن تعبدوا معه هذه الصغار وهو أكبر منها فكسرهن فارعووا ورجعوا عنه فيما ادعوا عليه من كسرهن إلى أنفسهم فيما بينهم فقالوا لقد ظلمناه وما نراه إلا كما قال ثم قالوا وعرفوا أنها لا تضر ولا تنفع ولا تبطش (لقد علمت ما هؤلاء ينطقون) أي لا يتكلمون فتخبرنا من صنع هذا بها وما تبطش بالأيدي فنصدقك يقول الله عز وجل (ثم نكسوا على رؤسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون) أي تكسوا على رؤسهم في الحجة عليهم لإبراهيم حين جادلهم فقال عند ذلك إبراهيم حين ظهرت الحجة عليهم بقولهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون قال (أفتعبدون من دون الله
(١٦٧)