جمعة والجمعة كالشهر والشهر كالسنة من سرعة شبابه ونسى الملك ذلك وكبر إبراهيم لا يرى أن أحدا من الخلق غيره وغير أبيه وأمه فقال أبو إبراهيم لأصحابه إن لي ابنا قد خبأته أفتخافون عليه الملك إن أنا جئت به قالوا لا فأت به فانطلق فأخرجه فلما خرج الغلام من السرب نظر إلى الدواب والبهائم والخلق فجعل يسأل أباه ما هذا فيخبره عن البعير أنه بعير وعن البقرة أنها بقرة وعن الفرس أنه فرس وعن الشاة أنها شاة فقال ما لهؤلاء الخلق بد من أن يكون لهم رب وكان خروجه حين خرج من السرب بعد غروب الشمس فرفع رأسه إلى السماء فإذا هو بالكوكب وهو المشترى فقال هذا ربى فلم يلبث أن غاب فقال لا أحب الآفلين أي لا أحب ربا يغيب قال ابن عباس وخرج في آخر الشهر فلذلك لم ير القمر قبل الكواكب فلما كان آخر الليل رأى القمر بازغا قد طلع فقال هذا ربى فلما أفل يقول غاب قال لئن لم يهدني ربى لأكونن من القوم الضالين فلما أصبح ورأى الشمس بازغة قال هذا ربى هذا أكبر فلما غابت قال الله له أسلم قال قد أسلمت لرب العالمين فأتى قومه فدعاهم فقال يا قوم إني برئ مما تشركون أنى وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا يقول مخلصا فجعل يدعو قومه وينذرهم وكان أبو ه يصنع الأصنام فيعطيها ولده فيبيعونها وكان يعطيه فينادى من يشترى ما يضره ولا ينفعه فيرجع إخوته وقد باعوا أصنامهم ويرجع إبراهيم بأصنامه كما هي ثم دعا أباه فقال يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغنى عنك شيئا قال (أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا) قال أبدا قال له أبو ه يا إبراهيم إن لنا عيدا لو قد خرجت معنا إليه لأعجبك ديننا فلما كان يوم العيد فخرجوا إليه خرج معهم إبراهيم فلما كان ببعض الطريق ألقى نفسه وقال إني سقيم يقول أشتكي رجلي فتوطؤا رجليه وهو صريع فلما مضوا نادى في آخرهم وقد بقوا ضعفي الناس (تالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين) فسمعوها منه ثم رجع إبراهيم إلى بيت الآلهة فإذا هو في بهو عظيم مستقبل باب البهو صنم عظيم إلى جنبه أصغر منه بعضها إلى جنب بعض كل صنم يليه أصغر منه حتى بلغوا باب البهو
(١٦٦)