مالا ينفعكم شيئا ولا يضركم أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون) قال وحاجه قومه عند ذلك في الله جل ثناؤه يستوصفونه إياه ويخبرونه أن آلهتهم خير مما يعبد فقال (أتحاجوني في الله وقد هدان) إلى قوله (فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون) يضرب لهم الأمثال ويصرف لهم العبر ليعلموا أن الله هو أحق أن يخاف ويعبد مما يعبدون من دونه * قال أبو جعفر ثم إن نمرود فيما يذكرون قال لإبراهيم أرأيت إلهك هذا الذي تعبد وتدعوا لي عبادته وتذكر من قدرته التي تعظمه بها على غيره ما هو؟ قال له إبراهيم ربى الذي يحيى ويميت فقال نمرود فأنا أحيى وأميت فقال له إبراهيم كيف تحيى وتميت قال آخذ الرجلين قد استوجبا القتل في حكمي فأقتل أحدهما فأكون قد أمته وأعفو عن الآخر فأتركه فأكون قد أحييته فقال له إبراهيم عند ذلك (فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب) اعرف أنه كما تقول فبهت عند ذلك نمرود ولم يرجع إليه شيئا وعرف انه لا يطيق ذلك يقول الله عز وجل (فبهت الذي كفر) يعنى وقعت عليه الحجة قال ثم إن نمرود وقومه أجمعوا في إبراهيم فقالوا (حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين * حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة قال حدثني محمد بن إسحاق عن الحسن بن دينار عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد قال تلوت هذه الآية على عبد الله بن عمر فقال أتدري يا مجاهد من الذي أشار بتحريق إبراهيم عليه السلام بالنار؟ قال قلت لا قال رجل من أعراب فارس قال قلت يا أبا عبد الرحمن وهل للفرس أعراب قال نعم الكرد هم أعراب فارس فرجل منهم هو الذي أشار بتحريق إبراهيم بالنار * حدثني يعقوب قال حدثنا ابن علية عن ليث عن مجاهد في قوله حرقوه وانصروا آلهتكم، قال قالها رجل من أعراب فارس يعنى الأكراد * وحدثنا القاسم قال حدثنا الحسين قال حدثنا حجاج عن ابن جريج قال أخبرني وهب بن سليمان عن شعيب الجبائي قال إن اسم الذي قال حرقوه " هيزن " فخسف الله به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة * ثم رجع الحديث إلى حديث ابن إسحاق قال فأمر نمرود فجمع له الحطب فجمعوا له صلاب
(١٦٨)