سرير الملك وذكر عن الضحاك أنه قال يوم ملك وعقد عليه التاج نحن ملوك الدنيا المالكون لما فيها والفرس تزعم أن الملك لم يكن إلا للبطن الذي منه أو شهنج وجم وطهمورت وأن الضحاك كان عاصيا وأنه غصب أهل الأرض بسحره وخبثه وهول عليهم بالحيتين اللتين كانتا على منكبيه وأنه بنى بأرض بابل مدينة سماها حوب وجعل النبط أصحابه وبطانته فلقى الناس منه كل جهد وذبح الصبيان ويقول كثير من أهل الكتب إن الذي كان على منكبيه كان لحمتين طويلتين ناتئتين على منكبيه كل واحدة منهما كرأس الثعبان وأنه كان بخبثه ومكره يسترهما بالثياب ويذكر على طريق التهويل أنهما حيتان يقتضيانه الطعام وكانتا تتحركان تحت ثوبه إذا جاع كما يتحرك العضو من الانسان عند التهابه بالجوع والغضب ومن الناس من يقول كان ذلك حيتين وقد ذكرت ما روى عن الشعبي في ذلك والله أعلم بحقيقته وصحته وذكر بعض أهل العلم بأنساب الفرس وأمورهم أن الناس لم يزالوا من بيوراسب هذا في جهد شديد حتى إذا أراد الله هلاكه وثب به رجل من العامة من أهل أصبهان يقال له كابى بسبب ابنين كانا له أخذهما رسل بيوراسب بسبب الحيتين اللتين كانتا على منكبيه وقيل إنه لما بلغ الجزع من كابى هذا على ولده أخذ عصا كانت بيده فعلق بأطرافها جرابا كان معه ثم نصب ذلك العلم ودعا الناس إلى مجاهدة بيوراسب ومحاربته فأسرع إلى إجابته خلق كثير لما كانوا فيه معه من البلاء وفنون الجور فلما غلب كابى تفاءل الناس بذلك العلم فعظموا أمره وزادوا فيه حتى صار عند ملوك العجم علمهم الأكبر الذي يتبركون به وسموه درفش كابيان فكانوا لا يسيرونه إلا في الأمور العظام. ولا يرفع إلى لأولاد الملوك إذا وجهوا في الأمور العظام وكان من خبر كابى أنه شخص عن أصبهان بمن تبعه والتف إليه في طريقه فلما قرب من الضحاك وأشرف عليه قذف في قلب الضحاك منه الرعب فهرب عن منازله وخلى مكانه وانفتح للأعاجم منه ما أرادوا فاجتمعوا إلى كابى وتناظروا فأعلمهم كابى أنه لا يتعرض للملك لأنه ليس من أهله وأمرهم أن يملكوا بعض
(١٣٦)