من الحرج، ولو عمد إليه امرؤ بعد الروية والفكر الطويل، وإمعان النظر لما حصل مثله.
أما صفاء نفسه ونقاء قلبه ونيته وسلاسة فطرته. فاسمع إليه يقول لابنه من رسالة طويلة (1) له يستأنف وعظه ونصحه:
" وإياك أن تتشاغل بالتعبد من غير علم فإن خلقا كثيرا من المتزهدين والمتصوفة ضلوا طريق الهدى إذ عملوا بغير علم.
واستر نفسك بثوبين جميلين لا يشهر انك بين أهل الدنيا برفعتهما، ولا بين المتزهدين بضعتهما. وحاسب نفسك عند كل نظرة وكلمة وخطرة، فإنك مسئول عن ذلك. وعلى قدر انتفاعك بالعلم ينتفع السامعون، ومتى لم يعمل الواعظ بعلمه زلت موعظته عن القلوب كما يزل الماء عن الحجر.
فلا تعظن إلا بينة، ولا تمشين إلا بنية، ولا تأكلن لقمة إلا بنية، ومع مطالعة أخلاق السلف تنكشف لك الأمور..
ثم يقول: وعليك بكتاب (منهاج المريدين)، فإنه يعلمك السلوك فاجعله جليسك ومعلمك، وتلمح كتاب (صيد الخاطر) فإنك تقع مواقعات تصلح لك أمر دينك ودنياك، وتحفظ كتاب (جنة النظر) فإنه يكفى في تلقيح فهمك للفقه.
ومتى تشاغلت بكتاب (الحدائق) أطلعك على جمهور الحديث، وإذا التفت إلى كتاب (الكشف) أبان لك مستور ما في الصحيحين من الحديث، ولا تتشاغلن بكتب التفاسير التي صنفتها الأعاجم، وما ترك (المغنى) و (زاد المسير) لك حاجة في شئ من التفسير.
وأما ما جمعته لك من كتاب الوعظ، فلا حاجة لك بعدها إلى زيادة أصلا. ".