حبان، والسفيانان الثوري وابن عيينة، والحمادان ابن سلمة وابن زيد، وأبو زرعة، وعبد الرزاق وابن أبي شيبة ومسدد وهناد، والفضل بن دكين، وإسحاق بن راهويه، ويحيى بن سعيد القطان، وأبو عاصم النبيل وابن المبارك وأيوب السختياني، وشعبة بن الحجاج والدارمي، والامامان الجليلان يحيى بن معين، وعلي بن المديني.
وسواهم كثير من أولى الفضل والسابقة في كشف مستور الوضاعين، غيرة لله ولنبيه ودينه. وكان منهم الحفاظ الذين كانوا أعجوبة الدهر وفخر الزمان. ومنهم من غاص في العلل علل الحديث ومستور أحوال الرجال، ولم يكن منهم إلا ذو فطنة وذكاء ومعرفة وإصابة وأمانة، ومنهم من برع في الفقه، وأوتى الحكمة، ومنهم من امتحن فثبت للمحنة، حسبة لله وإيثارا لما عنده..
كنتيجة مباشرة لهذه النهضة وضعت للأحاديث والأسانيد قواعد وأسس وموازين، وأصبح لكل سند بمجموع رجاله درجة من الصحة أو قابلية للطعن والتجريح، وأصبح الشخص الواحد في رجال السند، يضعفه أو يقويه، ويخل به أو يقيمه. وطبق ذلك على أسانيد المكثرين والمقلين من الرواية، من الصحابة والتابعين وتابعيهم إلى عاشر طبقة وما جاوزها.
فمثلا أصح ما أسند لدى نقاد الحديث وأهل الجرح والتعديل إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه لغاية أوائل المائة الثانية ما جاء من الأحاديث عن طريق إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن أبي بكر الصديق عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأصح ما أسند إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه من أحاديث، ما كانت عن طريق الزهري عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن جده عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم.