فوجه إليهم الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي، فقدم البصرة، وتولى الأمر بها، فدعا وجوه أهل البصرة، فاستشارهم في رجل يوليه حرب الخوارج، فكلهم قالوا: (عليك بالمهلب بن أبي صفرة).
وقام رجل من أهل البصرة يعرف بابن عرادة، فأنشده:
مضى ابن عبيس مسلم لسبيله * فقام لها الشيخ الحجازي عثمان فأرعد من قبل اللقاء ابن معمر * وأبرق، والبرق الحجازي خوان ولم ينك عثمان جناح بعوضة * وأضحى عدو الدين مثل الذي كانوا وليس لها إلا المهلب إنه * ملئ بأمر الحرب، شيخ له شأن إذا قيل من يحمي العراقين أومأت * إليه معد بالأكف، وقحطان فذاك امرؤ إن يلقهم يطف نارهم * وليس لها إلا المهلب إنسان (حرب المهلب مع الخوارج) فقال الأحنف بن قيس للحارث بن عبد الله: أيها الأمير، اكتب إلى أمير المؤمنين عبد الله بن الزبير، وسله أن يكتب إلى المهلب بأن يخلف على خراسان رجلا، ويسير إلى الخوارج، فيتولى محاربتهم. فكتب.
فلما انتهى كتابه إلى عبد الله بن الزبير كتب إلى المهلب:
(بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله عبد الله أمير المؤمنين إلى المهلب بن أبي صفرة، أما بعد، فإن الحارث بن عبد الله كتب إلي يخبرني أن الأزارقة المارقة قد سعرت نارها، وتفاقم أمرها، فرأيت أن أوليك قتالهم لما رجوت من قيامك، فتكفي أهل مصرك شرهم، وتؤمن روعتهم، فخلف بخراسان من يقوم مقامك من أهل بيتك، وسر حتى توافي البصرة، فتستعد منها بأفضل عدتك، وتخرج إليهم، فإني أرجو أن ينصرك الله عليهم، والسلام).
فلما وصل كتابه إلى المهلب خلف على خراسان.