(مه، ارفع قضيبك عن هذه الثنايا، فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلثمها).
ثم خنقته العبرة، فبكى.
فقال له ابن زياد: (مم تبكي؟ أبكى الله عينيك، والله لولا أنك شيخ قد خرفت لضربت عنقك).
قالوا: وكانت الرؤوس قد تقدم بها شمر بن ذي الجوشن أمام عمر بن سعد.
قالوا: واجتمع أهل الغاضرية فدفنوا أجساد القوم.
وروي عن حميد بن مسلم قال: كان عمر بن سعد لي صديقا، فأتيته عند منصرفه من قتال الحسين، فسألته عن حاله، فقال: (لا تسأل عن حالي، فإنه ما رجع غائب إلى منزله بشر مما رجعت به، قطعت القرابة القريبة، وارتكبت الأمر العظيم).
* * * قالوا: ثم إن ابن زياد جهز علي بن الحسين ومن كان معه من الحرم، ووجه بهم إلى يزيد بن معاوية مع زحر بن قيس ومحقن بن ثعلبة، وشمر بن ذي الجوشن.
فساروا حتى قدموا الشام، ودخلوا على يزيد بن معاوية بمدينة دمشق، وأدخل معهم رأس الحسين، فرمى بين يديه.
ثم تكلم شمر بن ذي الجوشن، فقال:
(يا أمير المؤمنين، ورد علينا هذا في ثمانية عشر رجلا من أهل بيته، وستين رجلا من شيعته، فصرنا إليهم، فسألناهم النزول على حكم أميرنا عبيد الله بن زياد، أو القتال، فغدونا عليهم عند شروق الشمس، فأحطنا بهم من كل جانب، فلما أخذت السيوف منهم مأخذها جعلوا يلوذون إلى غير وزر (1)، لوذان الحمام من الصقور، فما كان إلا مقدار جزر (2) جزوز، أو نوم قائل (3) حتى أتينا على آخرهم، فهاتيك