يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد)، وقال الله عز وجل: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون)، وأشهد على أن أهل دعوتنا من أهل ديننا أن قد اتبعوا الهوى ونبذوا حكم الكتاب وجاروا في الحكم، وأن جهادهم لحق، فأقسم بمن تعنو له الوجوه وتخشع له الأبصار، لو لم أجد على قتالهم مساعدا لقاتلتهم وحدي حتى ألقى ربي شهيدا).
فلما سمع ذلك عبد الله بن السخبر، وكان من أصحاب البرانس (1) استعبر باكيا، ثم قال: (لحي الله امرء لا يكون تشريح ما بين عظمه ولحمه وعصبه أيسر عنده من سخط الله عليه في لحظة يسعى بها على مقته، فكيف وإنما تريدون بذلك وجه الله، يا إخوتي، تقربوا إلى الله ببغض من عصاه، واخرجوا إليهم، فاضربوا وجوههم بالسيوف حتى يطاع الله يثبكم ثواب المطيعين العاملين بمرضاته، القائمين بحقوقه، فإن تظفروا فالغنيمة والفتح، وأن تغلبوا فأي شئ أفضل من المصير إلى رضوان الله وجنته) ثم افترقوا يومهم ذلك.
فلما كان من الغد أقبل عبد الله بن وهب الراسبي في نفر من أصحابه حتى دخل على شريح بن أبي أوفى العبسي، وكان من عظمائهم، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: (أما بعد، فإن هذين الحكمين قد حكما بغير ما أنزل الله، وقد كفر إخواننا حين رضوا بهما، وحكموا الرجال في دينهم، ونحن على الشخوص من بين أظهرهم، وقد أصبحنا والحمد لله ونحن على الحق من بين هذا الخلق).
فقال شريح: (أنذر أصحابك. وأعلمهم خروجك، ثم اخرج بنا على بركة الله حتى نأتي المدائن، فننزلها، ونرسل إلى إخواننا الذين بالبصرة، فيقدموا علينا، فتكون أيديهم مع أيدينا).