فقال يزيد بن حصين الطائي: (إنكم إن خرجتم بجماعتكم طلبتم، ولكن اخرجوا فرادى مستخفين، فأما المدائن فإن بها من يمنع منها، ولكن توعدوا أن توافوا جسر النهروان، فتقيموا هناك، وتكتبوا إلى إخوانكم من أهل البصرة أن يوافوكم بها). قالوا: (هذا الرأي). فاتفقوا على ذلك، وأنذروا جميعا أصحابهم، فاستعدوا للخروج فرادى، وكتبوا إلى من كان منهم بالبصرة (بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله بن وهب، ويزيد بن الحصين، وحر قوص بن زهير، وشريح ابن أبي أوفى إلى من بلغه كتابنا بالبصرة من المؤمنين المسلمين، سلام عليكم، فإنا نحمد الله إليكم الذي لا إله إلا هو، الذي جعل أحب عباده إليه أعملهم بكتابه، وأقومهم بالحق في طاعته، وأشدهم اجتهادا في مرضاته، وأن أهل دعوتنا حكموا الرجال في أمر الله، فحكموا بغير ما في كتاب الله ولا في سنة نبي الله، فكفروا لذلك، وصدوا عن سواء السبيل، وقد نابذناهم على سواء، إن الله لا يحب الخائنين، أما بعد، فقد اجتمعنا بجسر النهروان، فسيروا إلينا رحمكم الله لتأخذوا نصيبكم من الأجر والثواب، وتأمروا بالمعروف وتنهوا عن المنكر، وكتابنا هذا إليكم مع رجل من إخوانكم ذي أمانة ودين، فسلوه عما أحببتم، واكتبوا إلينا بما رأيتم، والسلام). ثم وجهوا كتابهم مع عبد الله بن سعد العبسي، فسار حتى البصرة، وأوصل الكتاب إلى أصحابه، فاجتمعوا فقرأوه، ثم كتبوا إليهم بوشك موافاتهم.
ثم إن القوم خرجوا من الكوفة عباديد، الرجل والرجلين والثلاثة، وخرج يزيد بن الحصين على بغلة يقود فرسا، وهو يتلو هذه الآية (1): (فخرج منها خائفا يترقب، قال رب نجني من القوم الظالمين، ولما توجه تلقاء مدين، قال عسى ربي أيهديني سواء السبيل). وسار حتى انتهى إلى السيب (2)، فاجتمع