في لبس وخطأ، إني نذير لكم أن تتمادوا في ضلالتكم فتلفوا مصرعين من غير بينة من ربكم ولا برهان، ألم تعلموا أني شرطت على الحكمين أن يحكما بما في كتاب الله؟ وأخبرتكم أن طلب القوم الحكومة مكيدة، فلما أبيتم إلا الحكومة شرطت عليهم أن يحييا ما أحيا القرآن، ويميتا ما أمات القرآن، فخالفا الكتاب والسنة، وعملا بالهوى، فنبذنا أمرهما، ونحن على أمرنا الأول، فأين يتاه بكم، ومن أين أتيتم؟).
فقالوا: (إنا كفرنا حين رضينا بالحكمين، وقد تبنا إلى الله من ذلك، فإن تبت كما تبنا فنحن معك، وإلا فائذن بحرب، فإنا منابذوك على سواء).
فقال لهم علي: (أشهد على نفسي بالكفر..؟! لقد ضللت إذن وما أنا من المهتدين). ثم قال: (ليخرج إلى رجل منكم ترضون به حتى أقول ويقول، فإن وجبت على الحجة أقررت لكم وتبت إلى الله، وإن وجبت عليكم فاتقوا الذي مردكم إليه).
فقالوا لعبد الله بن الكواء، وكان من كبرائهم: (أخرج إليه حتى تحاجه)، فخرج إليه.
فقال علي: (هل رضيتم؟).
قالوا: (نعم).
قال: (اللهم اشهد، فكفى بك شهيدا).
فقال علي رضي الله عنه: (يا ابن الكواء، ما الذي نقمتم علي بعد رضاكم بولايتي وجهادكم معي وطاعتكم لي؟ فهلا برئتم مني يوم الجمل؟).
قال ابن الكواء: (لم يكن هناك تحكيم).
فقال علي: يا ابن الكواء، أنا أهدى أم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟).
قال ابن الكواء: (بل رسول الله صلى الله عليه وسلم).
قال: (فما سمعت قول الله عز وجل: (فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم، ونساءنا ونساءكم، وأنفسنا وأنفسكم).
أكان الله يشك انهم هم الكاذبون؟).