(مبايعة معاوية) ثم انصرف عمرو وأهل الشام إلى معاوية، فسلموا عليه بالخلافة.
وأقبل ابن عباس وشريح بن هانئ ومن كان معهما من أهل العراق إلى علي، فأخبروه الخبر، فقام سعيد بن قيس الهمداني، فقال: (والله لو اجتمعنا على الهدى ما زادنا على ما نحن عليه بصيرة). ثم تكلم عامة الناس بنحو من هذا.
(فتنة الخوارج) قالوا: (ولما بلغ أهل العراق ما كان من أمر الحكمين لقيت الخوارج بعضها بعضا، واتعدوا أن يجتمعوا عند عبد الله بن وهب الراسبي، فاجتمع عنده عظماؤهم وعبادهم، فكان أول من تكلم منهم عبد الله بن وهب، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: (معاشر إخواني، إن متاع الدنيا قليل، وإن فراقها وشيك، فاخرجوا بنا منكرين لهذه الحكومة، فإنه لا حكم إلا لله، وإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون).
ثم تكلم حمزة بن سيار، فقال: (الرأي ما رأيتم، ومنهج الحق فيما قلتم، فولوا أمركم رجلا منكم، فإنه لا بد لكم من قائد وسائس وراية تحفون بها، وترجعون إليها).
فعرضوا الأمر على يزيد بن الحصين، وكان من عبادهم، فأبى أن يقبلها، ثم عرضوها على ابن أبي أوفى العبسي، فأبى أن يقبلها، ثم عرضوها على عبد الله ابن وهب الراسبي، فقال: (هاتوها، فوالله ما أقبلها رغبة في الدنيا، ولا فرارا من الموت، ولكن أقبلها لما أرجو فيها من عظيم الأجر). ثم مد يده، فقاموا إليه، فبايعوه، فقام فيهم خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: (أما بعد، فإن الله أخذ عهودنا ومواثيقنا على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والقول بالحق والجهاد في سبيله (إن الذين