قال: إن الملك يقرئك السلام، ويقول، إنا إنما نزلنا آنفا (1)، وقد كللنا، وتعبنا، وليس عليك منا فوت، فدعنا على حالنا في هذا الدير إلى العشاء، لنخرج إليك، وننطلق معك إلى بهرام، فيحكم فينا بما يرى.
قال بهرام بن سياوشان (ذلك له، وعزازه).
ثم نزل بندويه، والقوم محدقون بالدير، فلما أمسوا عاد بندويه إلى سطح الدير، وقال لبهرام بن سياوشان: (إن الملك يقول لك: هذا المساء، وليست لنا أجنحة نطير بها، وقد حدقتم بالدير، فدعنا ليلتنا هذه لنستريح، وامتن علينا بذلك، فإذا أصبحنا خرجنا إليك، ومضينا معك.
قال بهرام (وذلك له، وحبا وكرامة). ثم أمر أصحابه أن يكونوا فرقتين، فرقة تنام، وأخرى تحرس نوائب.
فلما أصبح بندويه فتح الباب وخرج إلى القوم وقال: (إن كسرى قد فارقني لمنذ أمس، هذا الوقت، ولو كنتم على نجائب كالريح ما لحقتموه، وإنما كان ما سمعتم مني مكيدة وحيلة. فلم يصدقوه، ودخلوا الدير، ففتشوه بيتا بيتا، فسقط في يد بهرام بن سياوشان، ولم يدر ما يعتذر به إلى بهرام شوبين. فحمل بندوية، وانصرف حتى دخل على بهرام شوبين، وأخبره بالحيلة التي احتالها بندوية، فدعا به بهرام، وقال: (لم ترض بما كان منك من قتل الملك هرمزد، حتى خلصت الفاسق كسرى، فنجا مني؟
قال بندوية (أما قتلي هرمزد فلست أعتذر منه، إذ طغى وبغى، وقتل صناديد العجم، وألقى بأسهم بينهم، وفرق كلمتهم، وأما حيلتي في تخليص ابن أختي كسرى فلا لوم علي في ذلك، إذ كان ولدي.
قال بهرام: (أما إنه ليس يمنعني من تعجيل قتلك إلا ما أرجو من ظفري بالفاسق كسرى، فأقتله، وأقتلك على أثره، ثم قال لبهرام بن سياوشان (احبسه عندك مقيدا إلى أن أدعوك به).