قال الكرماني: لو كان من مصاص (1) كنانة ما فعلت، فكيف وهو ملصق فيهم؟ فأما قولك، إنه يجعل الأمر إلى، أولى، وأعزل من أريد، فلا، ولا كرامة، أن أكون تبعا له، أو أقاره على السلطان.
فانصرف عقيل إلى نصر، فقال: (إنك كنت بهذا الملاح أبصر مني).
ثم أخبره بما دار بينهما كله.
فكتب نصر بن سيار، إلى الإمام مروان بن محمد، يخبره بخروج الكرماني عليه، ومحاربته إياه، واشتغاله بذلك عن طلب أبي مسلم وأصحابه، حتى قد عظم أمرهم، وإن المحصي المقلل لهم يزعم، أنه قد بايعه مائتا ألف رجل، من أقطار خراسان، فتدارك يا أمير المؤمنين أمرك، وابعث إلي بجنود من قبلك يقو بهم ركني، واستعن بهم على محاربة من خالفني.
ثم كتب في أسفل كتابه:
أرى تحت الرماد وميض جمر * ويوشك أن يكون له ضرام فإن النار بالعودين تذكى * وأن الشر مبدؤه كلام وقلت من التعجب، ليت شعري * أأيقاظ أمية أم نيام؟
فإن يقظت، فذاك بقاء ملك * وإن رقدت، فإني لا ألام فإن يك أصبحوا، وثووا نياما * فقل قوموا، فقد حان القيام فلما وصل كتابه إلى مروان كتب إلى معاوية بن الوليد، بن عبد الملك، وكان عامله على دمشق، ومروان حينئذ بمدينة حمص، يأمره أن يكتب إلى عامله بالبلقاء (2)، أن يسير إلى الحميمة (3)، فيأخذ إبراهيم بن محمد بن علي، فيشده وثاقا، ويرسل به إليه.