ثم قال لسلم بن أحوز المازني، وكان على شرطه: (انطلق إلى الكرماني)، فأعلمه: أني لم أرد به مكروها، وإنما أردت تأديبه لما استقبلني به، ومرة أن يصير إلي آمنا، لأناظره في بعض الأمر.
فصار سلم إليه، فإذا هو بمحمد بن المثنى الربعي جالسا على الباب في سبعمائة رجل من ربيعة، فدخل عليه، فأبلغه الرسالة، فقال الكرماني: لا، ولا كرامة، ما له عندي إلا السيف.
فأبلغ ذلك نصرا.
فأرسل نصر بعصمة بن عبد الله الأزدي، وكان من خاصته، فقال له: انطلق إلى ابن عمك، فأمنه، ومرة أن يصير إلى آمنا، لأناظره في بعض ما قد دهمنا من هذا العدو.
فقال الكرماني لعصمة، حين أبلغه رسالة نصر: (يا ابن الخبيثة، وما أنت وذاك؟
وقد ذكر لي عمك، إنك لغير أبيك الذي تنسب إليه، إنما تريد أن تتقرب إلى ابن الأقطع - يعني نصرا - أما لو كنت صحيح النسب لم تفارق قومك، وتميل إلى من لا رحم بينه وبينك).
فانصرف عصمة إلى نصر، وأبلغه قوله.
ثم إن الكرماني كتب إلى عمر بن إبراهيم، من ولد أبرهة بن الصباح، ملك حمير، وكان آخر ملوكهم، وكان مستوطنا الكوفة، يسأله أن يوجه إليه بنسخة حلف اليمن وربيعة، الذي كان بينهم في الجاهلية، ليحييه، ويجدده، وإنما أراد بذلك أن يستدعي ربيعة إلى مكانفته.
فأرسل به إليه.
فجمع الكرماني إليه أشراف اليمن وعظماء ربيعة، وقرأ عليهم نسخة الحلف.
وكانت النسخة:
(بسم الله العلي الأعظم، الماجد المنعم، هذا ما احتلف عليه آل قحطان وربيعة