فانتخب ألف فارس، ثم خرج، فالتقوا، واقتتلوا، وحمل محمد بن المثنى الربعي على تميم بن نصر، فتضاربا بسيفيهما، فلم يصنع السيفان شيئا، لكمال لأمتيهما، فلما رأى محمد بن المثنى ذلك حمل بنفسه على تميم، فعانقه، فسقطا جميعا إلى الأرض، وصار محمد فوق تميم، فانحنى على حلقه بالسيف، فذبحه.
وقال نصر بن سيار يرثي ابنه تميما:
نفى عني العزاء وكنت جلدا * غداة جلي الفوارس عن تميم وما قصرت يداه عن الأعادي * ولا أضحى بمنزلة اللئيم وفاء للخليفة وابتذالا * لمهجته يدافع عن حريم فمن يك سائلا عني فإني * أنا الشيخ الغضنفر ذو الكليم نمتني من خزيمة باذخات * بواسق ينتمين إلى صميم قالوا: فمكثوا بذلك عشرين شهرا، ينهض بعضهم إلى بعض كل أيام، فيقتتلون هويا، ثم ينصرفون، وقد انتصف بعضهم من بعض.
* * * وشغلهم ذلك عن طلب أبي مسلم وأصحابه حتى قوي أمره، واشتد ركنه، وعلن شأنه في جميع كور خراسان.
فقال عقيل بن معقل الليثي لنصر بن سيار: إن هذه العصبية قد تمادت بيننا وبين هؤلاء القوم، وقد شغلتك عن جميع أعمالك، وضبط سلطانك، وقد أظلك هذا العدو الكلب، فأنشدك الله أن تشأم (1) نفسك وعشيرتك، قارب هذا الشيخ - يعني الكرماني - بعض المقاربة، فقد انتقض الأمر على الإمام مروان بن محمد.
فقال نصر: يا ابن عم، قد فهمت ما ذكرت، ولكن هذا الملاح قد ساعدته