أبلغ أبا بكر إذا الخيل انبرى * وسارت الخيل إلى وادي القرى (1) أجمع سكران من الخمر ترى وذلك أن ابن الزبير كان يسمي يزيد (السكران).
ولما بلغ أهل المدينة وصول الجيش تأهبوا للحرب، فولت قريش عليها عبد الله ابن مطيع العدوي، وولت الأنصار عليها عبد الله بن حنظلة الراهب - وهو غسيل الملائكة - ثم خرجوا إلى الحرة، فعسكروا بها.
ففي ذلك يقول شاعرهم:
إن في الخندق المكلل بالمجد * لضربا يفور بالسنوات لست منا، وليس خالك منا * يا مضيع الصلاة للشهوات ووافاهم الجيش، فقاتلوهم حتى كثرت القتلى.
وأقبلت طائفة من أهل الشام، فدخلوا المدينة من قبل بني حارثة، وهم الذين قالوا إن (بيوتنا عورة) (2)، فلم يشعر القوم، وهم يقاتلون من يليهم، إلا وأهل الشام يضربونهم من أدبارهم، فقتل عبد الله بن حنظلة أمير الأنصار، وقتل عمرو بن حزم الأنصاري قاضي المدينة، واستباح أهل الشام المدينة ثلاثة أيام بلياليها.
فلما كان اليوم الرابع جلس مسلم بن عقبة، فدعاهم إلى البيعة، فكان أول من أتاه يزيد بن عبد الله بن ربيعة بن الأسود، وجدته أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم.
فقال له مسلم: (بايعني).
قال: (أبايعك على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم) فقال مسلم (بل بايع على أنكم فئ لأمير المؤمنين، يفعل في أموالكم وذراريكم ما يشاء).
فأبى أن يبايع على ذلك، فأمر به، فضربت عنقه.