فوجه يزيد بعشرة نفر من أشراف أهل الشام، فيهم النعمان بن بشير، وعبد الله بن عضاة الأشعري - وكان له صلاح -، ومسلم بن عقبة - لعنه الله - فقال لهم:
(انطلقوا، فأعيدوه إلى الطاعة والجماعة وأعلموه، أن أحب الأمور إلى ما فيه السلامة).
فساروا حتى وافوا مكة، ودخلوا على ابن الزبير في المسجد، فدعوه إلى الطاعة وسألوه البيعة.
فقال ابن الزبير لابن عضاة:
أتستحل قتالي في هذا الحرم؟
قال: نعم، إن أنت لم تجب إلى طاعة أمير المؤمنين.
قال ابن الزبير: وتستحل قتل هذه الحمامة؟ وأشار إلى حمامة من حمام المسجد.
فأخذ ابن عضاة قوسه، وفوق فيها سهما، فبوأه (1) نحو الحمامة، ثم قال:
يا حمامة، أتعصين أمير المؤمنين؟
والتفت إلى ابن الزبير، وقال: (أما لو أنها قالت نعم لقتلتها).
وإن ابن الزبير خلا بنعمان بن بشير، فقال: أنشدك الله، أنا أفضل عندك أم يزيد؟
فقال: بل أنت.
فقال: فوالدي خير أم والده؟
قال: بل والدك.
قال: فأمي خير أم أمه؟
قال: بل أمك.
قال: فخالتي خير أم خالته؟
قال: بل خالتك.