قال: (إن ذلك احتجاج عليهم، وأنت شككت في نفسك حين رضيت بالحكمين، فنحن أحرى أن نشك فيك).
قال: (وإن الله تعالى يقول: فائتوا بكتاب من عند الله، هو أهدى منهما، اتبعه).
قال ابن الكواء: (ذلك أيضا احتجاج منه عليهم).
فلم يزل علي عليه السلام يحاج ابن الكواء بهذا وشبهه، فقال ابن الكواء:
أنت صادق في جميع ما تقول، غير أنك كفرت حين حكمت الحكمين) قال علي: (ويحك يا ابن الكواء، إني إنما حكمت أبا موسى وحده وحكم معاوية عمرا).
قال ابن الكواء: (فإن أبا موسى كان كافرا).
فقال علي: (ويحك، متى كفر، أحين بعثته أم حين حكم؟).
قال: (لا، بل حين حكم).
قال: (أفلا ترى أني إنما بعثته مسلما، فكفر في قولك بعد أن بعثته؟
أرأيت لو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث رجلا من المسلمين إلى أناس من الكافرين، ليدعوهم إلى الله، فدعاهم إلى غيره، هل كان على رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك شئ؟).
قال: (لا).
قال: (ويحك، فما كان علي أن ضل أبو موسى؟ أفيحل لكم بضلالة أبي موسى أن تضعوا سيوفكم على عواتقكم فتعترضوا بها الناس؟).
فلما سمع عظماء الخوارج ذلك قالوا لابن الكواء: (انصرف ودع مخاطبة الرجل).
فانصرف إلى أصحابه، وأبى القوم إلا التمادي في الغي.