سوى الأتباع والخدم، ثم سار حتى أتى مدينة الأنبار، فلما وافى المدائن عقد لمعقل بن قيس في ثلاثة آلاف رجل، وأمره أن يسير على الموصل ونصيبين حتى يوافيه بالرقة (1)، فسار حتى وافى حديثة الموصل، وهي إذ ذاك المصر، وإنما بنى الموصل بعد ذلك مروان بن محمد.
فلما انتهى معقل إليها إذا هو بكبشين يتناطحان، ومع معقل رجل من خثعم يزجر، فجعل الخثعمي يقول: (إيه، إيه،) فأقبل رجلان، فأخذ كل منهما كبشا، فقاده وانطلق به. فقال الخثعمي لمعقل (لا تغلبون ولا تغلبون) فقال معقل: (يكون خيرا، إن شاء الله).
ثم مضى حتى وافى عليا وقد نزل (البليخ) (2) فأقام ثلاثا، ثم أمر بجسر، فعقد، وعبر الناس، ولما قطع علي رضي الله عنه الفرات أمر زياد بن النضر وشريح ابن هانئ أن يسيرا أمامه، فسارا حتى انتهيا إلى مكان يدعى (سور الروم) لقيهما أبو الأعور السلمي في خيل عظيمة من أهل الشام، فأرسلا إلى علي يعلمانه ذلك.
فأمر علي الأشتر أن يسير إليهما، وجعله أميرا عليهما، فسار حتى وافى القوم، فاقتتلوا، وصبر بعضهم لبعض حتى جن عليهم الليل، وانسل أبو الأعور في جوف الليل حتى أتى معاوية.
وأقبل معاوية بالخيل نحو صفين، وعلى مقدمته سفيان بن عمرو، وعلى ساقته بسر (3) بن أبي أرطأة العامري، فأقبل سفيان بن عمرو، ومعه أبو الأعور، حتى وافيا صفين، وهي قرية خراب من بناء الروم، منها إلى الفرات غلوه (4)، وعلى شط الفرات مما يليها غيضة (5) ملتفة، فيها نزور طولها نحو من فرسخين، وليس في ذينك الفرسخين طريق إلى الفرات إلا طريق واحد مفروش بالحجارة،